خلال المقابلة التي أجراها رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي في التلفزيون الأردني يوم الجمعة الماضية أثار انتباه البعض قول الرئيس بأنه ليس متضايقاً من رقابة مجلس النواب للحكومة، ليس فقط لأن هذه الرقابة جزء من وظائف المجلس الدستورية، بل أيضاً لأن الحكومة بحاجة للمراقبة وتستفيد منها.
المراقبة تكون عادة محل ترحيب الجهات التنفيذية التي ليس لديها ما تخفيه من مخالفات وتجاوزات، وهي تشكل جزءاً من الحماية للسمعة، كما أنها في كثير من الأحيان تؤدي إلى تحسين الأداء وتصحيح الاخطاء، لأن المراقب يكون معه في العادة بديل لما ينتقده وقد يكون مقنعاً ويؤخذ به.
في مهنة تدقيق الحسابات يقال دائماً أن تدقيق القيود وتشديد نظام الضبط الداخلي في الشركات يوضعان للمحاسب الأمين قبل غيره.
السؤال هو ما إذا كان لدى نقاد الحكومة من النواب قدرة على المراقبة البناءة، أي الهادفة إلى تصحيح أوضاع واختلالات.
في كثير من الأحيان لا تتوفر هذه الشروط بمن يقوم بالمراقبة، أو أنه يوظفها كأداة للضغط على الحكومة والحصول على مزايا، أو أنها تكون موجهة أساساً إلى أبناء دائرته الانتخابية لإثبات جرأته وقيامه بالواجب واستحقاقه لتجديد ولايته في أول انتخابات قادمة.
حتى لو كانت الحكومة متضايقة من بعض ما يحدث في المجلس تحت باب المراقبة، فإنه لا خيار لها سوى قبول هذا الواقع والتعايش معه. وقد أبدع في هذا المجال رئيس الوزراء السابق الدكتور عبد الله النسور الذي كان يتعامل مع النقد النيابي الجارح على أنه خدمة وطنية، وحتى بعض ما يقرب من الشتائم كان يوصف بأنه حوار راق ٍ!.
تبقى نقطة رئيسية عند الحديث عن أدوات الرقابة على الحكومة، وهي أن هناك جهة أخرى رقابية لا تقل أهمية وتاثيراً وهي الصحافة. ربما كان بعض ما تقوم به الصحافة من مراقبة ونقد محل ترحيب من الرئيس، ولكنه لم يقل ذلك، وترك مهمة الرقابة كلياً للنواب المحترمين.
رقابة الصحافة لا تقل فائدة للحكومة لأنها تكون عادة موثقة بالحقائق واقتراح البدائل والحلول، كما أن الصحفي الناقد يستمع لوجهة نظر الجهة موضوع النقد ولا يعتمد على فرضيات.
لهذا السبب فإن كل رئيس حكومة يبدأ نهاره بقراءة الصحف!.
الراي