ملك المغرب يوجه خطابا ساميا للمغاربة بمناسبة ذكرى "ثورة الملك والشعب"
22-08-2017 06:51 PM
عمون - أكد العاهل المغربي محمد السادس " أن التزام المغرب بالدفاع عن قضايا ومصالح إفريقيا " نهج راسخ، نواصل توطيده بكل ثقة واعتزاز"، وقال الملك محمد السادس في خطاب وجهه إلى الشعب المغربي بمناسبة الذكرى الرابعة والستين لثورة الملك والشعب: "إن التزام المغرب بالدفاع عن قضايا ومصالح إفريقيا ليس وليد اليوم، بل هو نهج راسخ ورثناه عن أجدادنا، ونواصل توطيده بكل ثقة واعتزاز"، وأن ثورة الملك والشعب تعتبر أكثر من ملحمة وطنية خالدة، جمعت ملكا مجاهدا، وشعبا مناضلا، من أجل استقلال المغرب، وعودة ملكه الشرعي، وشكلت محطة مشرقة في تاريخ المغرب تجاوز إشعاعها وتأثيرها حدود الوطن، ليصل إلى أعماق إفريقيا، فهذه الثورة ألهمت بشكلها الشعبي التلقائي وبقيم التضحية والوفاء التي قامت عليها حركات التحرير بالمغرب الكبير وبإفريقيا من شمالها إلى جنوبها، وعمقت الوعي والإيمان بوحدة المصير، بين المغرب وقارته، بداية من الكفاح المشترك، من أجل الحرية والاستقلال ،ثم في بناء الدول الإفريقية المستقلة على أساس احترام سيادة بلدانها ووحدتها الوطنية والترابية.
وأبرز أن هذا العمل التضامني يتواصل من أجل تحقيق التنمية والتقدم المشترك، الذي تتطلع إليه كافة الشعوب الإفريقية، موضحا أنه "استلهاما لمعاني وقيم هذه الثورة المجيدة لم يكن غريبا أن يتخذ المغرب، منذ بداية الاستقلال، مواقف ثابتة، ومبادرات ملموسة لصالح إفريقيا".
وأشار في خطابه إلى أن هذه المبادرات تمثلت بالخصوص في المشاركة في أول عملية لحفظ السلام في الكونغو سنة 1960، واحتضان مدينة طنجة، في نفس السنة، لأول اجتماع للجنة تنمية إفريقيا، وإحداث أول وزارة للشؤون الإفريقية في حكومة 1961 لدعم حركات التحرير، مضيفا أن هذه الجهود الصادقة، لأجل شعوب إفريقيا، توجت سنة 1961، باجتماع الدار البيضاء الذي وضع الأسس الأولى لقيام منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1963.
وأبرز جلالة الملك أن رجوع المغرب إلى المؤسسة الإفريقية تعتبر نجاحا كبيرا لتوجهنا الإفريقي "رغم العراقيل التي حاول البعض وضعها في طريقنا. وهو أيضا شهادة من أشقائنا الأفارقة على مصداقية المغرب ومكانته المتميزة لديهم"، مجددا بالمناسبة "عبارات الشكر والتقدير لكل دول القارة التي وقفت إلى جانبنا. وحتى تلك التي لم تساند طلبنا، واثقا أنها ستغير موقفها عندما تعرف صدق توجهاتنا"، وتوجه المغرب نحو إفريقيا لم يكن قرارا عفويا، ولم تفرضه حسابات ظرفية عابرة، بل هو وفاء للتاريخ المشترك، وإيمان صادق بوحدة المصير، وثمرة تفكير عميق وواقعي تحكمه رؤية استراتيجية اندماجية بعيدة المدى، وفق مقاربة تدريجية تقوم على التوافق.
وأكد جلالة الملك أن السياسة القارية للمغرب ترتكز على "معرفة دقيقة بالواقع الإفريقي، أكدتها أكثر من خمسين زيارة قمنا بها لأزيد من تسعة وعشرين دولة، منها أربعة عشر دولة، منذ أكتوبر الماضي، وعلى المصالح المشتركة، من خلال شراكات تضامنية رابح-رابح".
وأبرز جلالة الملك أن رجوع المغرب إلى المؤسسة الإفريقية تعتبر نجاحا كبيرا لتوجهنا الإفريقي "رغم العراقيل التي حاول البعض وضعها في طريقنا. وهو أيضا شهادة من أشقائنا الأفارقة على مصداقية المغرب ومكانته المتميزة لديهم"، مجددا بالمناسبة "عبارات الشكر والتقدير لكل دول القارة التي وقفت إلى جانبنا. وحتى تلك التي لم تساند طلبنا، واثقا أنها ستغير موقفها عندما تعرف صدق توجهاتنا".
وأضاف صاحب الجلالة أنه إذا كان هذا الرجوع هاما وحاسما، إلا أنه ليس غاية في حد ذاته، مؤكدا أن إفريقيا كانت وستظل في مقدمة أسبقيات المملكة وأن ما يهم المغرب "هو تقدم القارة الإفريقية وخدمة المواطن الإفريقي"، وأشار الملك محمد السادس إلى أنه من أهمل القارة الإفريقية، أو قلّل من مكانتها، بعدم الاهتمام بقضاياها أو بسياسة شراء المواقف، "فهذه مشكلة تخصه وحده"، مبرزا أن المغرب يعتبر أن إفريقيا هي المستقبل "والمستقبل يبدأ من اليوم".
وختم جلالة الملك خطابه قائلا: "من يعتقد أننا قمنا بكل ذلك، فقط من أجل العودة إلى الاتحاد الإفريقي، فهو لا يعرفني" ، مشددا على أن الوقت الآن "هو وقت العمل. والمغرب حريص على مواصلة الجهود التي يقوم بها داخل قارته منذ أكثر من خمسة عشر سنة"، مشددا على أن توجه المغرب إلى إفريقيا لن يكون على حساب الأسبقيات الوطنية، وأوضح أنه كان لذلك أثر إيجابي على قضية الوحدة الترابية للمملكة، سواء في مواقف الدول أو في قرارات الاتحاد الإفريقي. وشدد على أن هذا الأمر عزز الدينامية التي يعرفها هذا الملف، على مستوى الأمم المتحدة، مبرزا أن المغرب اختار نهج سياسة تضامنية، وإقامة شراكات متوازنة، على أساس الاحترام المتبادل، وتحقيق النفع المشترك للشعوب الإفريقية، مضيفا أن "المغرب، لم ينهج يوما سياسة تقديم الأموال، وإنما اختار وضع خبرته وتجربته، رهن إشارة إخواننا الأفارقة، لأننا نؤمن بأن المال لا يدوم، وأن المعرفة باقية لا تزول، وهي التي تنفع الشعوب".