الأكاديميات بين الواقع والطموح
أ. د. ناهد عميش
22-08-2017 11:26 AM
عندما يكون الإصلاح هدفا منشودا؛ فعلينا النهوض بكل مكونات المجتمع من دون تمييز. لقد كتبت في مقال سابق عن تقدم الفتيات في نتائج الثانوية العامة وعدم ترجمة ذلك في سوق العمل لاحقاً. إن الحقوق في ميدان العمل من أهم مطالب المرأة في أيامنا هذه؛ لأنه ينعكس على المستوى المعيشي لها ولأسرتها. لقد وقّع الأردن على سبع من اتفاقيات منظمة العمل الدولية (ILO) المعنية بحقوق العمل، إذ ركزت هذه الاتفاقيات على حقوق العمال وعدم التمييز على أساس الجنس.
وقد شهد الأردن تطورات تشريعية عديدة للقضاء على التمييز ضد المرأة. كما أحرزت المرأة الأردنية تقدماً لا يُستهان به في جميع المجالات. ولكن ما يزال هناك الكثير مما يتعين انجازه للنهوض بواقع المرأة لتصبح عضواً فاعلاً في التنمية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للبلد.
وما يزال هناك أيضاً الكثير من العوائق التي تحول دون مشاركة المرأة الفعالة في جميع المجالات، وإمكانية تبوئها للوظائف العليا. وجاءت نتائج الدراسة التي قامت بها مجموعة من الأكاديميات المنتسبات لرابطة الأكاديميات الأردنية لتؤكد هذا.
وأجريت هذه الدراسة لمعرفة واقع الأكاديميات في الأردن والتحديات التي تواجههن في العمل في مجالات عدة، أهمها البحث العلمي والتدريس والعمل الإداري والتشريعات.
أظهرت نتائج الدراسة أن ٥٣،٤٪ هن برتبة أستاذ مساعد و ٢٣،٤٪ أستاذ مشارك بينما لا يتجاوز من هن برتبة أستاذ ١٧،٩٪.
وقد بينت الدراسة أن ١٢٪ فقط من عينة الدراسة قد كُلفن بعضوية في لجان على مستوى الوطن، و ٩٪ كمسؤول إداري في مؤسسة حكومية. كما أظهرت الدراسة أن ٤٦،٥٪ منهن لم يتم تكليفهن بأي عمل إداري. وعند سؤال من تم تكليفهن عن طبيعة العمل، أفادت ٥٤،٣٪ منهن بأنهن عملن رئيس قسم فيما عملت ٨،٢٪ مدير مركز و٥،٩٪ عميدة كلية فيما عملت ٢،٢٪ نائب رئيس. في حين وصلت امرأتان فقط إلى منصب رئيس جامعة.
أما القوانين والأنظمة الجامعية على مستوى الجامعات الرسمية؛ فبالرغم من عدالتها من حيث التشريع إلا أن مظاهر التمييز والاختراق لهذه النصوص واضحة في الجانب التطبيقي. فقد بينت الدراسة أن هناك عدم التزام من جانب غالبية الجامعات الرسمية بتغطية زوج الأكاديمية بالتأمين الصحي المعمول به في الجامعة، وعدم المساواة بين الأكاديميين والأكاديميات فيما يتعلق بتحمل الجامعة لنفقات سفر الزوجة والأولاد مع الموفد الأكاديمي الذكر ، في حين لا تُصرف هذه النفقات لزوج الأكاديمية بالإضافة إلى قصور القوانين والأنظمة عن مراعاة حالات الترمل والطلاق للأكاديميات.
هذه الدراسة أظهرت شعور عدد لا بأس به من الأكاديميات بالظلم فيما يختص بالفرص المتاحة لهن في الوصول إلى مواقع صنع القرار في الجامعات والتطبيق العادل للأنظمة والقوانين.
أتمنى من أصحاب القرار أخذ نتائج هذه الدراسة على محمل الجد، والعمل على تحسين وضع الأكاديميات في جامعاتنا الأردنية ، وتذليل المعوقات التي قد تمنعهن من الارتقاء بأدائهن في كافة مجالات تخصصاتهن، وهذا يتطلب جهدا مؤسسيا مبنيا على مبدأ تكافؤ الفرص حيث لا معيار يحكم سوى الكفاءة في الأداء.