عنزة تشارك في الإخراج السينمائي مع شريف البنداري
د. تيسير المشارقة
22-08-2017 10:10 AM
بالسينما يُفسّر المجتمع العربي ذاته. لذلك، يمكن قراءة الواقع العربي من خلال سينماه. نحن، في الأردن، هذا الأسبوع، وبتنظيم من الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، على موعد مع حفنة من الأفلام العربية ضمن (مهرجان الفيلم العربي عمان) ويشتمل على أفلام مهمة من مصر ولبنان وتونس وفلسطين. هذا المهرجان هو الدورة السابعة على التوالي. فمنذ سبع سنوات والأردن يطرح السينما العربية للمواطن الأردني من أجل ثقافة سينمائية ومن أجل فهم أفضل لعروبتنا.
فيلم الافتتاح الأول كان بعنوان ((علي معزة وإبراهيم ))(انتاج 2016) للمخرج المصري شريف البنداري. عمل فني من الموجة الجديدة الطليعية غير التجارية. فيلم يبحث في عمق التفاصيل بعيداً عن التهريج والكوميديا الساذجة. فيلم يقول لنا كيف تقدر عنزة (اسمها: ندا) أن تشارك المخرج في إخراج فيلمه وترسم له مسارات لم تكن في السيناريو.
من أجل ثقافة سينمائية عربية جديدة، نحتاج للمشاهدة المنتظمة والمستمرة للأفلام الحديثة وعقد مقارنات بينها وبين سينمانا القديمة. السينما بخلاف التلفزيون تُعنى بالتفاصيل، والمخرج الذي يغفل التفاصيل ولا يعتني بها، هو مخرج "غير فالح" وفيلمه "غير عميق"، لأن التفاصيل توجد غالباً في الأعماق. والمخرج المتمكّن من الغوص هناك، يأتي بالتفاصيل الثرية.
الفن السينمائي شغب جميل. بالفن نغيّر واقعنا ونطوّر حياتنا. نتغلب على عثراتنا بالثقافة والفن والسينما. وبالسينما نعرّف حياتنا المبهمة في بعض ملامحها وأوجهها. نفهم أنفسنا من خلال السينما. السينما والأفلام "محاولة للفهم"، الفهم في ظل سيطرة المبهم والمغلق وإحكام سيطرة الظلامية على بعض جوانب حيواتنا.
السينما (غير التجارية) مهمة في حياتنا لأنها تطلعنا على عوالم غير تسلوية [من كلمة تسلية] وإنما على جوانب غير مضيئة في حياتنا العربية، تماماً مثل (سينما العائلة) التي هي مسار مهم وجميل ومثير في حقل الفن السينمائي، لأنها سينما تفتح ألبوم العائلة لكل الناس وقليل منا من يقدر على هذا الانكشاف. وعندما تفتح ألبوم صورك لضيفك يعني ذلك أنك ارتحت له وفتحت له قلبك. التواصلية مسألة صعبة كصعود الجبال لا يقدر عليها إلا الأقوياء ومن يمتلكون نعمة الشكيمة. وأعتقد أن المخرج محمد بكري في فيلم "زهرة" سرد لنا سيرة عائلته بشفافية عالية.. وفي ذلك قوّة(زهرة هي جدة الفنان محمد بكري).
يحتاج الفن السينمائي لرعاية من لدن العربي كأي صناعة في مرحلتي "ما بعد الحداثة" و"السوبر حداثة"، فما زلنا كعرب في ذيل الأمم في مواكبة ركب هذه الصناعة المتطوّرة والمتقدّمة. إننا ما زلنا نستخدم أدوات قديمة ولغة شاشة مختلفة(وربما متخلفة) لا تروق للأجيال الحديثة. السينما العربية انبعثت من جديد بعد 1990(على حد تعبير المخرج فيصل الزعبي) ، وما قبل ذلك كان شظايا. ونحن نستخدم أدوات سينمائية مشروخة تنتمي لما قبل ذلك التاريخ.
يحتاج الإنسان لأدوات تعبير جديدة أحياناً. والمؤدون على خشبة المسرح يعتقدون أن أعمالهم لا تستمر. لهذا نجد زحفاً من المسرح للسينما. وأكاد أجزم أن السينما هي مسرح المستقبل. تماماً كما التلفزيون سبق الراديو ومثلما الموبايل سحق البيجر. لجوء الممثل المسرحي لفن السينما مهرب اضطراري أو إجباري نحو توثيق الأداء وتخليده بصرياً على شكل صورة وعدم الاكتفاء بالأداء المارق!!. توثيق المسرح، وتخليده على كاسيت أو شريط أو ذاكرة، مهم ولكنه غير كاف، لغياب التفاصيل التي تمنح العمق.