facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




الصحافة الورقية مـرة أخـرى


د. جواد العناني
21-08-2017 02:02 AM

مرت ايام على الصحافة الورقية كانت جزءاً أساسياً من رومانسية تلك المرحلة. وشكلت الصحافة لفترات طويلة مصدر الثقافة، والأدب، والشعر، والجدل، والنقاش السياسي، والفكاهة، والكارتون.. وأصبح نجوم الصحافة اعلاماً معروفين، يثق الناس بآرائهم، وينتظرون مقالاتهم وردودهم على بعضهم البعض.
في البلاد الأجنبية نشرت الصحف أهم القصص والروايات الطويلة. لقد نشرت قصص شارلز ديكنز، والأخوات برونتي، وجين اوستن، وروايات فيكتور هوجو، وأناتول فرانس، والإسكندر دوما الأب والابن، وجي دي موباسان، وغيرهم عبر الصحف. وكذلك فعل بعض الكتّاب الامريكان، والطليان، والقائمة تطول.
الصحف نشرت مقالات هامة أعيد تجميعها في كتب رائعة ما تزال تشكل معيناً أساسياً لثقافتنا. فنحن قرأنا لكتّاب مثل طه حسين، ومحمد حسنين هيكل، والرافعي، ومصطفى لطفي المنفلوطي ومحمد فريد أبو حديد، ويحيى حقي، وثروت أباظة، ونجيب محفوظ، وغيرهم الكثيرون في بلاد الشام والعراق اطلعنا على شعر الشعراء أمثال البياتي، والزهاوي، ومعروف الرصافي والجواهري، وأحمد صادق النجفي، وعمر أبو ريشة، وخير الدين الزركلي، وإبراهيم طوقان، والصليبي، وعرار، وعبدالمنعم الرفاعي، وحسني فريز وبشارة الخوري، وسعيد عقل، والياس أبو شبكة وشعراء المهجر المعروفين، وجبران وغيرهم.
صحيح أن الناس كانوا ينتظرون المجلات الشهرية مثل الرسالة، ولكنهم ايضاً كانوا يقرأون مجلات المصور، وآخر ساعة، وروزا اليوسف، وغيرها.
الصحافة الاسبوعية في الاردن مثل الفارس وغيرها، قد اغنت بجانب الصحف اليومية القراء وثقفتهم بلغة رصينة. وقد صادف العام الماضي (2016) الذكرى المئوية الاولى للثورة العربية الكبرى، ونشرت الصحف أعداداً كثيرة من صحيفة الثورة العربية «القبلة»، والتي قدمت أروع الأمثلة على عمق التحليل المستند إلى الحقائق والوثائق، والى بلاغة اللغة وفاعليتها في إنفاذ رسائلها.
مصدر الثقافة اليومي المتمثل في الصحف كان نسبياً زهيد الكلفة، وغطى وظائف كل البدائل التي جاءت بعده مثل الراديو، والتلفزة، والمجلات الملونة، والكمبيوتر، والمواقع الالكترونية. ولكن وظائف الصحف كالاعلام، والاخبار، والحوارات، والتعليقات، والثقافة، والرياضة، والأعمال، والمجتمعيات، والوفيات والإعلانات الحكومية والخاصة، صارت تتداولها وسائل الإعلام الاخرى بسرعة أكثر، وبكلف أقل.
وقد رأينا أن النتيجة بدأت تظهر. فكثير من الصحف المعروفة أفلست وصفيت كل أعمالها، أو أنها بيعت لجهات أخرى، واندمجت فيها، أو أن إصدارها اقتصر على الطبعة الإلكترونية، أو أن عدد صفحاتها تقلص كثيراً.
بالطبع هنالك عوامل أخرى مؤثرة في القرار مثل ارتفاع اسعار الورق والحبر، والرواتب مع الوقت، في الوقت الذي يقل فيه مردود الإعلانات على الصحافة وما يخصص لها من مجموع الارصدة المخصصة للترويج والاعلان في كل وسائل الاعلام.
امام هذه الحقائق: فإن التكاليف ترتفع والمردود يقل. وهنا يثور السؤال المهم في الاردن وغيرها من الدول. هل نستطيع أن ننام الليل لنفيق على صباح من غير صحافة ورقية؟؟ رغم كل التوقعات ان الصحافة الورقية تواجه تحديات متزايدة عدداً ومتصاعدة شدة، هل نملك أن نتركها تذوي وتنتهي، ونستبدلها بصحافة الكترونية بحتة؟
قد يقول البعض مجيباً على كل تلك الأسئلة بالإيجاب. نعم، نستطيع الاستغناء عنها بين عشية وضحاها، ونستطيع الاعتماد بدلاً منها على المواقع والاخبار الالكترونية، وعلى التلفزة والمحطات الخارجية والدولية.
عملياً هذا ممكن. ولكن كلفته على الاردن، وسمعته، واضطراره للتشدد في متابعة المواقع، وفي تزويد الناس بآراء وأفكار مدروسة ستكون عالية. علينا أن نعترف أن الإذاعة أصبح لها لون خاص ومنغلق أحياناً، وكذلك الإعلام الخاص سواء التلفزيوني منه او الالكتروني، فمن يمثل رأي الحكومة، ورأي كثير من الناس الذين يحبون الجرائد، وملمسها، ورومانسية قرائتها مع فنجان القهوة الصباحي؟
خلاصة الحديث أن ما قامت به الحكومة من رفع أسعار إعلاناتها المنشورة في الصحف اليومية سوف يساعد الصحف على تجاوز محنتها، أو على تحسين أوضاعها، والانتقال الى مرحلة طمأنة العاملين في الصحف أن وظائفهم باقية، وأن حبهم للكتابة والمهنة سوف يجد تجسيداً على صفحات الصحف لفترة أطول مما كان عليه الحال.
الدستور





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :