مخالفة سائق لا يحمل رخصة عمومي بسبب انتهاء صلاحيتها ؟!
عدنان الروسان
20-08-2017 07:58 PM
رغم كل ما نكتبه معارضين لبعض السياسات الاقتصادية و الإدارية و التشريعية للحكومة ، إلا أننا دائما نفتخر بقواتنا المسلحة التي وفرت على مدى عقود طويلة الأمن الوطني لنا ، و نفتخر بأجهزتنا الأمنية التي حافظت على السلم الأهلي و الطمأنينة للمواطنين و تبقى ساهرة لننام ، و يقظة متحفزة كي نستمتع بحياتنا ، و هذا يجعلنا دائما حريصين على أن لا تتعرض هذه الأجهزة لأي نقد أو تجريح من أحد حتى نحافظ جميعا على واحتنا الوطنية آمنة مطمئنة في هذا الإقليم المتفجر الملتهب الذي لا يهدأ .
و من منطلق المواطنة و الحرص على الصالح العام لا بد أن ننبه حينما تكون الحاجة ملحة لبعض الهفوات التي يرتكبها بعض رجال الأمن ، خاصة رجال السير بحق بعض المواطنين مما يترك مرارة في نفوسهم و ضغينة ضد الدولة في صدورهم ، و نحن نكتب محبين لا كارهين و مواطنين لا مستوطنين ، و ناصحين لا متشفين أو متصيدين ، و لكنه الوطن و الوطن يحتاجنا جميعا ، بدون أحقاد و لا ضغائن و لا تعال أو فوقية لشريحة على شريحة ، القانون يجب أن يطبق ، نعم و لكن يجب أن يطبق بالعدل ، و بالتساهل ، و شرطي السير ليس مكرها و لا مضطرا أن يقوم بتسجيل مخالفة سير على كل من يخالف بل القانون يعطيه الحق أن يخالف أو ينبهه السائق ، المهم أن يقوم بواجبه الذي يعود على الوطن بخير.
فما بالنا إذا قام رجل سير بتحرير مخالفة لمواطن بسبب انتهاء صلاحية رخصة قيادة له و هو يقود مركبة عمومية و حضوريا ، علما أن المواطن لا يملك رخصة قيادة عمومية ، و رخصة القيادة الخصوصية التي يحملها لم تنته بعد و هي سارية المفعول حتى اللحظة ، المواطن حدثني بهذا و هو يكاد يختنق من القهر و العجز ، هذه قصة من أخريات وقفت على تفاصيل بعضها و بعضها موثق ، و بعضها حدثني به مواطنون فوق الشبهات ، و بعضها حصل معي شخصيا ، و هي حوادث تصيب المواطن بالذعر حينما يشعر بأنه لا حول له و لا قوة أمام رجل الأمن أو رجل السير أو غيرهم من موظفي الحكومة و الدولة الذين يملكون سلطات تخولهم إيذاء الآخرين إذا لم يكونوا على قدر عال جدا من المسؤولية و الحس الوطني.
الوطن غال على قلوب المواطنين ، أي وطن وأي مواطنين ، إنها فطرة فطر الله الناس عليها ، غير أن القوانين ، و القائمين على تنفيذ القوانين بأيديهم أن يزيدوا أو يقللوا من شعلة الولاء و الانتماء في صدور المواطنين ، و الدول المتقدمة تفضل أحيانا خسارة القانون للحظة مقابل أن تكسب قلب المواطن طيلة العمر ، فالقانون تشريع يقصد به أول ما يقصد سعادة الفرد و المجتمع ، و القوانين ليست عقوبات و سيوف مسلطة على رقاب المواطنين.
العدل أساس الملك ، و الدولة تأتمن رجال الأمن على المواطنين ، و السلطان المفروض عليهم ليقضوا حوائج المواطنين أكبر من السلطان المفوض لهم لعقوبتهم أن تعدوا على القانون ، و إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ، و كلما كبر وقار السلطان في صدور المواطنين كلما علت هيبة الدولة و ارتفع بنيانها ، و كلما انتقص السلطان من كرامة المواطنين كلما بهتت صورة الدولة في عيون الرعية ، فانتبهوا يا رعاكم الله ، يا رجال الأمن و اعلموا أن الناس تحبكم و تحترمكم ، فلا تجعلوا الحب كراهية و الاحترام إذعانا فإن ذلك يضرهم ولا يفيدكم.
في النهاية، نحن لا نعمم، و نعلم أن رجال الأمن و السير هم من أبناء هذا البلد الطيب المعطاء و ننبه، عاتبين لا شاكين لأن الهدف إصلاح و ليس انتقام و تجريح و ليبقى هذا الوطن كريما و هذا الصرح عاليا دائما.