الهجوم على وزارة التعليم العالي
فايز الفايز
20-08-2017 03:02 AM
كنا في مضى من السنين ننافح للدفاع عن هيبة وقيّم الحرم الجامعي، ونطالب بتخليص الجامعات من عصابات الطلبة «العاطلين عن العقل» ممن لم تربهم البيوت ولا المدارس ولا البيئة الإجتماعية، وهم يضعون جامعاتنا العريقة على أبرز عناوين الصحافة الشغوفة بالمشاجرات والمشاكل الصبيانية، وكنا نتساءل عن التقاعس المعيب من إدارات الجامعات تجاه ذلك الوباء الذي أصاب الجيل، ولكننا اليوم نواجه نفس المشكلة مع بعض إدارات الجامعات الرسمية، التي باتت الشللية وافتعال المشاكل والتحزب المصلحي يحكم عقلياتها، حتى وصلت الصورة الى صاحب الجلالة فضمن أوراقه النقاشية رؤية ثاقبة لإصلاح التعليم الجامعي، وبدأت وزارة التعليم العالي بالخطوة الأولى للإصلاح فجوبهت بديناصورات الإدارات.
لقد بدأ وزير التعليم العالي د.عادل الطويسي وهو رئيس سابق لجامعات رسمية ويعلم مفاصل المشكلة بالخطوة التي لم يجرؤ أحد على إتخاذها في ظل تراجع تقييم جامعاتنا العريقة عربيا على الأقل، والإجراء لم يكن بذلك الإمتحان التعجيزي، بل هو تقييم لأداء رؤساء الجامعات، ومقترحات للإرتقاء بـ «صناعة التعليم» التي نخشى تدهورها، والتخلص من القرارات الإرتجالية والفوضوية التي تتخذ بناء على مزاجية ومصلحية البعض، وكأن الجامعة الفلانية باتت مزرعة طيور للأساتذة الكرام، لا يطير فيها طائر ولا يحط فيها آخر ولا ينتقل منها ريش ولا تضع فيها دجاجة بيضها إلا بقرار عال من الرئاسة، فثارت ثورة الديّكة على إجراءات الوزارة الإصلاحية.
وزارة التعليم العالي ممثلة بمجلس التعليم العالي قررت خوض «الحركة التصحيحية للجامعات» وليس شن حرب على الأشخاص، وبدأت بالمعايير العالمية وبأبسطها، وهي نشر نموذج تقييم أداء رؤساء الجامعات، وفتحت باب المشاركة لكافة العاملين بالجامعات من أعضاء الهيئات التدريسية عبر المواقع الإلكترونية الخاصة في الجامعات للمشاركة بتقييم أداء الإدارات ومن أنجز منهم ومن أخفق، وكذلك طلبت من مجالس أمناء الجامعات ليشاركوا في التقييم والتأشير على ما يصلح وما لا يصلح ومواطن الخلل عند الإدارات العليا لجامعات ضمن 13 بندا، ولكن للأسف تم عرقلة عملية التقييم عندما عمدت بعض الإدارات لقطع شبكة الإنترنت والترغيب والترهيب لإفشال المشاركة.
للأسف تم إلغاء البند الرابع عشر الخاص بأداء رؤساء الجامعات بسبب تدني نسبة المشاركة إذ لم تتعد 4%، وتم تشكيل لجنة تحقق تابعة لمجلس التعليم العالي لنتائج التقييم الذاتي والعام الصادر عن مجالس أمناء الجامعات، إذ يتكون التقييم من 13 بندا يمكن من خلاله الوصول الى حقيقة أداء الجامعات والإدارات العليا للجامعات، والذي سيحقق بعدها الوصول الى «معيار المساءلة» وهو ما تخشاه الإدارات التي فشلت في عملها وتريد التغطية على تقاعسها، بإتباع طرق ملتوية لمهاجمة مجلس التعليم العالي والوزارة والتحشيد لكي تبقى جثثا هامدة على قمة جامعاتنا التي تحتاج الى علماء وقيادات فذة تقودها الى المستقبل الأفضل.
إن مبدأ المحاسبة قد نادى به جلالة الملك، وأكد عليه من خلال إجراءات شهدناها مؤخرا، فإذا كان الوزير المتقاعس يواجه الإقالة، فالأولى أن يقال كل رئيس جامعة لا يقوم بعمله على أفضل وأكمل وجه، وأن لا يغطي على فشله بالمزيد من الإجراءات التعسفية أو الطرق الملتوية، فجامعاتنا هي التحدي الكبير لأجيالنا القادمة، وإذا كان قادة الجامعات سيعتمدون «المشاجرات الفكرية» والمناكفات الوظيفية والترهيب والترغيب لبقاء مصالحهم، فكيف نطلب من الطلاب أن يصلحوا سلوكياتهم، وكيف سننتظر عودة النهوض بالعملية التعليمية وإعادة الألق لسمعة جامعتنا وهي كانت ولا تزال من الأفضل في محيطنا العربي الذي بات يعتمد على استقطاب فروع لجامعات عالمية وهيئات تدريس أجنبية.
من هنا يجب على الجميع دعم إجراءات الحكومة ممثلة بوزارة التعليم العالي ومجلس التعليم العالي المعني برسم سياسات التعليم وضبط عمل الإدارات العليا، فيما يخص مبدأ المساءلة الذي يخشاه المقصرون، وهذا المبدأ هو أساس عملية الإصلاح في التعليم وفي كل مناحي الحياة العامة، ولهذا يحارب البعض هذه الإجراءات ليبقى العفن يأكل أساسات البناء الرسمي، وبناء عليه يجب محاسبة كل من يحارب عملية إصلاح للتعليم وإقالة أي رئيس يفشل في التقييم لا السكوت عليه، لأن من أمن العقوبة أساء الأدب، وما أكثرهم، ويكفينا خوض تجارب فاشلة في التعتيم والطبطبة، فالتقييم معتمد في كل دول العالم، والتغيير واجب، وتعيين الأكفياء أوجب من بقاء قيادات تسرق إنجازات الماضي وتدعيها، وأبناؤنا والوطن يدفعون الثمن.
Royal430@hotmail.com
الرأي