حين ننظر لبعض حكومات العالم نراها حكومات برامجية تولت السلطة بناء على برنامج وليس بناء على عائلة أو علاقة شخصية، وتحرص تلك الحكومات على تنفيذ ما وعدت لأنها حكومات من ضمير الشعب. فهذه حكومة تصل إلى التأمين الصحي الشامل، وتلك حكومة تبني شبكة مواصلات تحت الأرض، وحكومة ثالثة تقبض على الفاسدين وتسترد منهم المال وتودعهم السجون، ورابعة تحقق معدل نمو، وخامسة توجد فرص عمل وتحارب الفقر، وسادسة تطبق شعارات الحرية والعدالة. ماذا عن الحكومة في الأردن؟ بماذا يذكرها الأردنيون؟ إن أي استطلاع للرأي تجريه جهة محايدة ستكشف لنا أن الحكومة لا تذكر بالخير عند الأردنيين !! فتذكر الناس الحكومة يوم ترفع الأسعار ويوم تزيد الضرائب ويوم تعلن عن العطل والأعياد ويوم تقترض الملايين ويوم تستقبل ضيفا" ويوم يسافر دولته ويوم يتم تعيين الوظائف العليا ويوم اعلان نائح التوجيهي ويوم تجلس تحت القبة لمواجهة النواب ونحو هذه الأعمال التي لا ترتبط مباشرة بشيء إيجابي مرئي يريده المواطن!! فليس ثمة قرار يتعلق بتخفيض المديونية !! وليس هناك قرار بالتأمين الصحي الشامل !! ولا تطلع علينا الحكومة لتعلن تخفيض الأسعار والرسوم والضرائب !! ولا يسمع الأردنيون أن القطار السريع قد بدأ العمل وبالطبع فلا يخطر على بالهم شيء اسمه مترو تحت الأرض فهذا من سابع المستحيلات !! نسمع عن حكومة تشكلت ولا ندري لماذا؟ ولماذا هذا الشخص أو ذاك؟ ولماذا هذا الطاقم؟ يؤكد الناس أنها عطايا وشلل واصهار وانسباء وأصدقاء !! وحين يجري التعديل الذي صار موضة انما هو إعلان عن إطالة عمر الحكومة. وقد تتعدد التعديلات كما حصل مع الحكومة الحالية مما يدل على سوء الاختيار وغياب البرنامج وبالتالي غياب حامليه مما يعني ان الوزراء الجدد بالتعديل ما هم الا ركاب قطار يسير لفترة بسيطة مثل قطار الأطفال في مدينة الجبيهة الترويحية !! كان بودنا ان تأتي الحكومة لهدف محدد ولا تذهب حتى تحققه ضمن جدول زمني مرسوم. كان بودنا ان يتحقق على يد الحكومة نظرة جديدة في التعليم. بودنا ان نرى حكومة تحمل برنامج في السياحة الداخلية حتى لا تذهب أموال الأردنيين الى دول في الإقليم بينما هم لا يستطيعون السياحة في بلدهم بسبب الغلاء !! بودنا ان تأتي حكومة ببرنامج تنفيذي للتشغيل ومكافحة الفقر والبطالة !! نرغب برؤية وزراء قدوة يضحون ويقدمون دون ان يحصلوا على المكاسب الشخصية لهم ولعائلاتهم !! نريد حكومة تخلصنا من الطرق المخزية والمطبات الجبلية !! نريد حكومة تفش الغل في موضوع مكافحة الفساد فعلاً لا قولاً مجرداً.
لن نتذكر الحكومة الا في المصائب ما دام النهج هو النهج والأسلوب هو الأسلوب " ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ".