الرياض تمنح والدوحه تفرح!!
أ.د. خلف الطاهات
19-08-2017 03:43 PM
بعد نحو ثلاثة شهور من ازمة الدوحه مع اربع دول عربية إثر اتهامات لقيام قطر بدعم الإرهاب والتطرف وتغذيته إعلاميا من منبر قناة الجزيرة وتقاربها مع ايران، وبعد حصار اقتصادي أثّر على رفاه الشعب القطري ، منحت الرياض يوم امس الدوحه فرحة تتزامن مع الأيام الفضيلة المباركة والمتمثلة بالسماح للحجاج القطريين بالدخول الى السعودية برا بالإضافة الى نقلهم جوا عبر الخطوط السعودية وعلى نفقة خادم الحرمين الشريفين في خطوة اقل ما توصف انها "إنسانية" وتبديد للدعاية والتي تتهم الرياض بانها توظف الحج لأغراض "سياسية".
الخطوة الملكية السعودية أظهرت ضيق الأفق السياسي لصانع القرار في الدوحة وتخبط الموقف في إدارة الازمة عبر تقديم الشعب القطري فيها للراي العام العربي والدولي انه ضحية المقاطعة، وأوقفت مزايدات ارادت ان تظهر الرياض بانها عدو الإنسانية ولا تحترم القيم الدينية وكرامة الشعوب وحرية العبادة!! وهو تأكيد ان الشعب القطري ليس مستهدفا من هذه المقاطعة بل السياسة القطرية المنزلقة في خدمة المشروع الفارسي القائم على التصفية الطائفية للسنة وتوسيع حضوره وتمكينه في المشهد الخليجي بعد ان استوطن العراق وسوريا ولبنان واليمن.
قرار الرياض ينم عن حضور الشعب القطري في ذهن خادم الحرمين الشريفين وكما ينم عن احترام العلاقات التاريخية بين الشعبين القطري والسعودي وتقديرا لاركان وكبار عقلاء العائلة الحاكمة في قطر وخصوصا حكام قطر السابقين الذي اسسوا وبنوا ورسخوا علاقات قطر مع جيرانها تقوم على الاحترام والثقة المتبادلة خلافا لحكام "الانقلاب" والاستعراضات السياسية التي باتت تحكم الدوحة منذ نحو عقدين من الزمن. قرار الملك سلمان إزاء حجاج قطر فوت الفرصة على اعلام الدوحة وابواقها المرتزقة في الخارج تشويه الموقف السعودي وحالت دون حرف مسار الازمة القطرية من بعدها السياسي الى الإنساني على امل ان تحظى بقليل من التعاطف معها!!
إن مكرمة خادم الحرمين الشريفين وتكريمه لأهل قطر وحجاجهم يستدعي من مسؤولي الدوحه ان تعيد حساباتها المتارجحه وغير المتوازنه وان تسمع لصوت العقل وتغلب منطق الحكمة على النزق والتخلي عن الاستعراض في الأدوار والمبادرات وان تأخذ خطوات جادة ومدروسة بعيدا عن الاستمرار في الاضرار بمصالح شعبها الاصيل وبما يخدم مصالح الامة العربية التي باتت ملعبا لاطراف وجهات ودول باتت تتخذ من قطر كرة تتقاذفها بما يخدم مصالحها للأسف. وعلى الدوحة ان تعي جيدا ان تعريض "رفاه" الشعب القطري للخطر مسؤوليتها المباشرة وان استمرار دعمها وتمويلها للارهاب والتطرف لا يجلب الخير ابدا بل الشرور والويلات وقد يعرضها –ان استمرت بهذا الحال- وحسب تقارير دولية تراقب أداء الاقتصاد القطري قد تاثر وتراجع بشكل غير مسبوق ومعرض لانتكاسة اكبر كلما طالت مدة المقاطعة الاقتصادية ناهيك عن العزلة السياسية التي بدأت ترهق قطر وحضورها في المشهد الدولي.
في وقت تتصاعد فيه الازمة القطريه، تاتي المكرمة السعودية بحق قطر واهلها كما ضوءا في نفق معتم وهي خطوة تستحق التقدير ومبادرة كريمة تستدعي من مسؤولي الدوحه ان تفتح دفترها السياسي من عقب الانقلاب الأبيض 1995 وتعيد قراءة صفحاته من جديد وتنظف ما علق بها من شوائب بروية وهدوء بعيدا عن النزق السياسي والانفلات الإعلامي الذي تروج له الاله الإعلامية القطرية بان قصة الخلاف معها هو تركيع وخنوع واذعان وغيرها من مترادفات الاعلام التحريضي وهي مصطلحات ازعم ان ليس لها مكان الا في عقول مروجيها.
في الختام وبناءا على المعطيات الأخيرة والموقف السعودي والترحيب القطري للقرار السعودي، فان البداية الحقيقية والجادة لحل ازمة الدوحه وطي صفحة الخلاف تكون بإعادة ضبط السلوك السياسي لقطر وعودة الرشد والنضج لخطابها الإعلامي عبر العودة المخلصة وقراءة معمقة ومتانية لحكام الدوحة للشروط ال "13" التي وضعتها الدول الأربع المقاطعة لها والتي تعتبر بحسب مراقبين "خارطة طريق" جديدة تبلور سياسة خارجية مقبولة وواضحة لإنقاذ قطر من تبعيات دخول ازمتها في نفق اشدعتمةً وقسوة!!
فهل تستفيد الدوحه من الموقف الملكي السعودي الأخير!!
Khalaf.tahat@yahoo.com
باحث واكاديمي متخصص في شؤون الاعلام