تبرق مستشارة الرئيس السوري، بثينة شعبان، اشارة غزل الى الاردن، وبقية الدول العربية، حين تتحدث عن توقعاتها ان تكون العلاقة جيدة مع الاردن، خلال الفترة المقبلة، ومع بقية الدول العربية، وهذه البرقية السياسية، بحاجة الى قراءة مختلفة.
تريد بثينة شعبان، اولا، ان توحي اولا، ان كل الدول العربية، نادمة على معاداة النظام السوري، وان هذه المعاداة، لم تؤد الى نتائج، اذ بقي النظام ثابتا طوال السنوات الماضية، وستجد الدول العربية، نفسها امامه مجددا، وهذه هي الاشارة الضمنية الاولى، عبر كلامها.
الاشارة الضمنية الثانية، التي تريد قولها، ان هناك علاقات جيدة، موجودة، ضمن حدود دنيا بين الاردن وسوريا، على صعيد بعض خطوط التنسيق اللوجستي، خصوصا، ميدانيا، وبالتالي فإن هذه الخطوط، ستساهم بتحسين العلاقات لاحقا، بين الاردن وسورية، اذ يستحيل ان تتحسن العلاقات السياسية، بشكل مفاجئ، لولا وجود ارضية، هذا اضافة الى ان البعثات الدبلوماسية في البلدين، مازالت قائمة وان كان ليس على مستوى سفراء.
تعني بثينة شعبان، ايضا، في اشارتها الثالثة، ان النظام واثق من قدرته على البقاء، ولولا وجود تأكيدات عالمية، على بقاء النظام، وتغير الاجندة العالمية تجاه دمشق ، لما بدأت شخصيات سورية، مثل مستشارة الرئيس بالحديث منذ الان، عن العلاقات السورية العربية مستقبلا، فهي تعلن ان عهد المصالحة السورية العربية على الطريق، وان كل المتغيرات باتت لصالح النظام السوري حاليا.
فعليا فإن الواقع الميداني يؤشر على تحسن العلاقات الاردنية السورية، خصوصا، مايجري قرب الحدود، وانسحاب جماعات عسكرية، من امام طريق النظام السوري، وترحيب الاردن الضمني بعودة الجيش السوري، الى الحدود، وعدم ممانعته لتولي النقاط الحدودية، وكل اعتراضه فقط، على اقتراب اي جماعات طائفية، من هذه الحدود، فالاردن فعليا، يقول ان هذه التطورات طبيعية، كون الجيش السوري يعود الى مواقعه الاساس.
دمشق تحاول ان ترسل رسائل كثيرة، على مستويات مختلفة، بل ان الاعلان عن معرض دمشق الدولي، يراد منه القول ان الامور تتجه نحو الاستقرار، ولم يتبق الا القليل، امام اعلان وقف الحرب، وكل ماتواجهه دمشق بقية جيوب لتنظيم داعش، وجماعات اخرى متطرفة، فيما لا احد يضع الجيش الحر، والجماعات التي من طرازه في الحسابات، لان الكل يعرف ان هذه الجماعات، توقف الحرب، بمجرد تلقيه توجيه، من هنا، او هناك.
مايمكن قوله اليوم، ان الوضع في سورية بدأ يتغير فعليا، لصالح النظام، اذ ان وجود داعش انقذ النظام، وللمفارقة فإن العالم كله بات يقبل بمنح النظام السوري، مع وجود «شراكات مؤقتة» مع جماعات مقاتلة من خارج سورية، اضافة الى الروس، من اجل تطهير سورية، من التنظيم، وكأننا فعليا، امام شراكة سورية عالمية، غير معلنة رسميا، موجهة نحو هدف واضح ومحدد، اي داعش وشقيقاتها، وبهذا يمكن القول ان خطورة نظام دمشق تجلت فعليا، في تحويل ورقة داعش، من تنظيم يستهدف النظام، الى تنظيم يجبر العالم على زيادة شرعية النظام، وتبني بقاءه، حتى نهاية المعركة، خصوصا، مع تسرب اخطار الارهاب الى اوروبا واميركا واماكن اخرى.
لكن ماينبغي ان يقال، وقد قلته في مقال سابق، قبل ايام، ان ترتيب العلاقات السورية العربية، لن يكون مفصولا، عن التفاهمات الروسية الاميركية، ولا عن مجمل شكل الخريطة الجديد في المنطقة، لاعتبارات كثيرة، وهنا، لااحد يعرف ما الذي يخطط له الاميركان حصرا، باتجاه النظام السوري، في مرحلة مابعد الحرب، كما ان النظام السوري، امام ملف اهم، من ملف المصالحات السورية العربية، وهو ملف المصالحات الداخلية، وما تعرضت له البنية الداخلية، من تشظ وبروز عداوات سياسية ومذهبية وطائفية.
كلام بثينة شعبان، كلام جميل، وعاطفي، لكن لربما القصة، تكون اعقد بكثير، من هذا التبسيط والاستخلاص، الذي يندفع بقوة، نحو المستقبل، تحت شعار يقول، ان دمشق انتصرت، وان على الجميع الاستعداد لمرحلة الاعتذار.
maherabutair@gmail.com
الدستور