ملاحظات حول التغطية الاعلامية لاحداث غزة
08-01-2009 01:17 AM
من حق أبناء غزة على مؤسساتنا الإعلامية الأردنية أن ترسل مراسلين أو موفدين لها لتغطية أحداث غزة من الميدان. وكنت أتمنى لو أن إحدى الصحف كتبت خبرا من غزة منسوبا لمراسلها أو موفدها هناك. بل إن التمني الأكبر لو أن إحدى الصحف تميزت بقصة صحفية لموفدها هناك تكتبها عيون ذلك الصحفي الذي سينقل كل صغيرة و كبيرة و الأجواء المحيطة.
قيمة هذه الخطوة تنبع من أن صحفنا المحلية لا توقع نفسها في التكرار الذي يسببه النقل الكسول من وكالات الأنباء العالمية و وكالة الأنباء الأردنية "بترا" فلو نظرنا سريعا الى الصفحة الأولى للصحف الأردنية الصادرة صبيحة يوم الرابع من كانون ثاني 2009 و هو النهار التالي للهجوم البري لقوات العدو الصهيوني على أبنائنا في غزة.سنجد أن الدستور سطرت عنوانا يقول "بدء اجتياح غزة و المقاومة تتصدى بمعركة الفرقان" أما الغد فكتبت عنوانها الرئيس"المقاومة تتوعد: غزة ستكون مقبرة الإسرائيليين" أما الرأي فكتبت "بدء الاجتياح البري الإسرائيلي لقطاع غزة" والعرب اليوم قالت في عنوانها الرئيس"الاحتلال يبدأ عدوانه البري على 3 محاور في غزة". و جميع العناوين كانت على طول الصفحة الأولى للصحف.و تفاصيل الأخبار جميعها منسوبة للوكالات.بل أن تلك العناوين شوهدت عشرات المرات على الشريط الإخباري للقنوات الإخبارية الفضائية التي تغطي الحدث مباشرة.
من الطبيعي أن وكالات الأنباء الآن توفر المعلومات والأنباء تباعا وبسرعة قصوى تمكن الجميع من الحصول على الأخبار بكبسة زر على موقع أي من الوكالات التي توفر خدمة الأخبار.
لكن الحلقة المفقودة في التغطية الصحفية الأردنية هي عيون المراسلين التي تستطيع نقل قصص صحفية بنكهة الصحيفة أو المؤسسة التي ينتمي إليها مركزا على قصص مر عليها العدوان و لم ينتبه إلهيا احد وسط هذا الركام الهائل.مما يعني أن المؤسسة تبدع في كتابة القصة و حتى الخبر و صياغته ولا تقع رهينة لتقدير تلك الوكالات والمصادر في تركيزها على خبر و إهمال آخر.
صحيح أن الخبر المهم الذي يتابعه الجمهور لحظة بلحظة هو توالي القصف و سقوط الشهداء و الاشتباكات مع العدو الصهيوني و محاولة الجميع الاطمئنان على سلامة الأهل في غزة والمقاومة الباسلة.لكن هذا لا يعيق الخروج بقصص تحوي أخبارا و معلومات لا تقل أهمية عن الخبر العاجل.
فكم سيكون مميزا لو قرر احد الصحفيين الأردنيين كتابة قصة عن ليلة تحت القصف يوثق فيها كل شيء أو انه يرافق مواطنا فلسطينيا فقد عائلته و بيته أو حتى مقاوما فلسطينيا و هو يستعد للحرب "تلك هي النكهة التي اعنيها".
يعجبني دائما إصرار الصحافة الغربية وخاصة البريطانية على إرسال مراسليها الى الميدان لأنها تؤمن أن التميز في التغطية ينبع من الاعتماد على مراسلها أو موفدها. وهنا المنافسة الحقيقية و المهنية تظهر بين المؤسسات الصحفية وحتى بين الصحفيين.
ماذا لو فكر احد الصحفيين بطريقة تمكنه من الدخول الى سديروت أو أي من المستوطنات الصهيونية المتاخمة لغزة ليرصد الأجواء هناك و يكتب عن انهزام الجبهة الداخلية لإسرائيل ويصور لنا الشوارع الخالية أو ربما يستطيع الدخول الى احد الملاجئ التي أصبحت أماكن الإقامة الدائمة للكثير منهم.و هذا ما فعله احد الصحفيين الإسرائيليين أثناء حرب تموز 2006 على لبنان حينما دخل لبنان متخفيا و رصد الجبهة من الجانب الآخر وعاد بقصص صحفية هزت الصحافة الإسرائيلية من هول ما رآه من قوة حزب الله.
قدرة الصحيفة أو الوسيلة الإعلامية على إحداث تلامس بين الحدث وتفاصيله وبين الجمهور هو النجاح بحد ذاته بل أن النجاح الأهم أن تأتي بمعلومات جديدة و بدلا من تكرار المعلومة المهمة.
رغم كل ذلك إن المؤسسات الإعلامية الأردنية من صحف وتلفزيونات وإذاعات وقفت موقفا وطنيا لا مثيل له بل أنها ضاهت وسائل إعلام الدول الأخرى خاصة بعض الفضائيات العربية التي لم تعر الموضوع أي اهتمام. فكل الاحترام لكم و الى مزيد من التميز الإعلامي.