التونسي التريكي يناقش في "شومان" أزمة الهوية والحرية
16-08-2017 01:51 PM
عمون - حلل المفكر التونسي الدكتور فتحي التريكي معاني الهوية والاختلاف والتماثل والصراع والذات والآخر في ممارسات المجتمع العربي المعاصر السائدة، والتي قادت الى تفاقم التمايز وشيوع المظاهر السلبية بين الافراد والجماعات.
واوضح التريكي في محاضرة حملت عنوان (الهوية وعلاقتها بالديمقراطية والتعددية والحداثة)، نظمت امس بمنتدى عبدالحميد شومان الثقافي، ادارها الوزير الاسبق الدكتور زيد حمزة، ان هذا العصر الحديث جعل من تلك القضايا هموما يومية وأزمات راهنة على اكثر من صعيد سياسي واجتماعي وثقافي ظلّ فيها كابوس المحرم معيقا للإبداع والانعتاق والتطور.
وقال المفكر التونسي الذي اثرى المكتبة العربية بالعديد من الاصدارات اللافتة منها : (الهوية ومآلاتها)، (قراءات في فلسفة التنوع)، ان الكتابات والتأليف المعاصرة غربا وشرقا، تعاني من قلق السؤال عن الهوية والاختلاف والآخر، مع ان بعض هذه الكتابات إما مغالية في الخصوصية تعبر في معظمها عن ذات متألمة وقلقة تعيش آلام الغربة والتهميش، وإما مغالية في الكونية والتحديث ناسية تكويناتها المحلية ومعطياتها التراثية وصبغتها الخصوصية.
واشار التريكي الحاصل على درجة الدكتوراه من جامعة السوربون، ان التأمل في الذات العربية يحمل في الوقت نفسه ألم التهميش والغلبة رغم ثرواتها المادية والمعنوية الضخمة وبهجة روح تاريخها الذي يسكنها بوصفها قد حملت يوما ما السلطة المادية والحضارية، الاّ انها ما زالت تؤمن بأنها تحمل شروط نهضة جديدة وفعالة.
ورأى ان شروط يقظة وجدتها الذات العربية في أوائل القرن العشرين في عدد من المناحي منها العلوم والتكنولوجيا، الا انها في الوقت الراهن اخذت تعود إلى الموروث القديم الذي تحلم بانبعاثه من جديد، مشيرا الى انه على الرغم من التحوّلات الواسعة ظهر هناك انهيار للهويات المنغلقة التي وجدت نفسها مجبرة على التقتيل والتخريب والإرهاب لإثبات ذاتها.
واعتبر المحاضر ان الانتماء الاجتماعي والتاريخي لن يكون في المستقبل هو محدّد الذّات الوحيد والرّئيسي ولن يكون أبدا عمادها، بل أكثر من ذلك لم تعد السّلطة في مستوياتها المختلفة (العائلة، المدرسة، الدولة) هي التي تحدّد مجالات التفكير وحقول الانتماء، لأنّ "الانترنت" وثورة الاتصالات الحديثة قد فتحت إمكانيّة المشافهة اليوميّة مع الآخر بالصورة والصوت مثلما أصبحت هذه التقنيّة كالفطريات تنبت بدون انتظام بحيث يصعب احتواءها وتنسيقها، لذلك لم تعد إعادة امتلاك القول والتعبير والاستحواذ على المعلومة ملكا لسلطة او فرد او جماعة وغدت مفاهيم الحرية والديمقراطية والغيرية مسالك جدية لتأقلم الهوية مع مستجدات الحاضر ثقافة وعلما وسياسة.
واكد التريكي ان الوقت الراهن يثبت ان المنطقة العربية تعاني من ازمة هوية وتحديات جسام لافتا الى ان اسبابها عائدة الى ما يجري في داخل الذات العربية فضلا عن غياب الحرية والديمقراطية عن منظومات الحكم في العديد من بلدان المنطقة وهو ما اسس لمجتمعات "مرعوبة" وتمارس خياراتها المصيرية بضغوط ما ادى الى غياب العدالة والمساواة، وبالتالي تصبح اسس التقدم والنجاح الفردي والجماعي محكومة بمنظومة تنأى عن الاخذ بمعايير التأهيل والتنافس الحر العادل.(بترا).