خالد سامح وقّع"بين سطور المدينة"
15-08-2017 02:14 PM
عمون -بحضور نخبة من الكتاب والنقاد والفنانين وقع الزميل خالد سامح أمس الأول في المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة بجبل اللويبدة مجموعته القصصية الجديدة "بين سطور المدينة"، والتي صدرت مؤخرا عن دار فضاءات للنشر والتوزيع في عمّان، وتضمنت مجموعة من القصص القصيرة جدا ويعاين فيها الزميل سامح إبداعيا العديد من الظواهر الاجتماعية والتحولات التي يشهدها المشهد الإنساني والأزمات المتعددة التي يمر بها عالمنا، إضافة إلى قضايا وجودية.
تحدث في الحفل الذي أداره المخرج المسرحي نبيل الخطيب كل من أستاذ الأدب العربي في جامعة البلقاء التطبيقية الناقد الدكتور عماد الضمور، والقاص هشام البستاني، حيث أضاءا على مفهوم القصة القصيرة جدا كفن سردي يقوم على التكثيف والاختزال والرمز.
الناقد الدكتور عماد الضمور قال في معرض قراءته النقدية للعمل .."يطالعنا القاص خالد سامح في مجموعته القصصية بين سطور المدينة والصادرة عن فضاءات للنشر والتوزيع بنصوص سردية تنتمي الى القصة القصيرة جدا يمارس فيها تكثيفا لغويا تجاوز تأثيره السرد الى اختزال المعنى وجعله ومضة مفاجئة تضيء نصوصا أخرى لم تُكتب بعد إذ لا يمنع عدد المفردات المحدد في القصة القصيرة جدا إبداع خالد سامح لنصوص سردية تحمل مقومات القصة القصيرة جدا من تكثيف وايجاز وتركيز أضاف اليها بساطة الاسلوب واختيارا دقيقا للتفاصيل فضلا عن التشخيص المباشر والتكثيف الموحي في الزمان والمكان.
وأضاف حول عنوان المجموعة "يتصف عنوان المجموعة القصصية بين سطور المدينة من الناحية البصرية بالطول نسبيا قياسا لما تقتضيه طبيعة القصة القصيرة جدا لكنه من الناحية الباطنية ذات المضمون الفكري يحمل اختزالا واضحا للدلالة والمعنى المكتنز بين سطور الكتابة الذي تتضمنه حياة المدينة.
انه استهلال فضائي يعمد من خلاله الكاتب الى تنشيط ذاكرة المتلقي وتنمية احساسه بالجمال بالبحث عن خفايا الشخوص، وطبيعة الاحداق وصياغة الحبكة وصولا الى نهايات مدهشة.
ان البدء بشبه الجملة الظرفية هو نزوع ضمني الى الاختيار والانتخاب للأفكار لان حكايا المدينة لا تنتهي وسطور معاناتها مستمرة وفصول عشقها طويلة ومغامراتها لا تنتهي. نقرأ من خلالها ما لا يُقال على أرض الواقع بلغة مكثفة ساخرة أحيانا .
وأختتم بالقول "لقد استطاع خالد سامح من خلال قصصه القصيرة جدا ملامسة جوانب انسانية مهمة في حياتنا اليومية تنفر من الحروب وويلاتها المستمرة مستغلا امكانيات القصة القصيرة جدا المذهلة ووسائلها التعبيرية المؤثرة."
أما القاص هشام البستاني فقد رأى أن القصة القصيرة جدا فن عرف منذ القرن الماضي في أوروبا وأمريكا اللاتينية وهو يرتكز على التأمل بالدرجة الأولى ثم المفارقة، ويحتاج لقراءة خاصة مختلفة عن قراءة أنواع اخرى من السرد كالقصة الكلاسيكية والرواية، ومما جاء في تقديمه لتجربة الكاتب الجديدة " خالد سامح، في مجموعته هذه، ومجموعاته التي سبقتها، يعي أن القصّة القصيرة جدًا ليست ضربةً فجائيّة تسبق الهرب، ولا هي تزجيةُ وقتٍ لشخصٍ يلعب بالكلمات على سبيل التّسلية، بل هي الضّربة التي تفتتح النّزال، والجُمَل التي تقود المُتلقّي إلى الزواريب الخلفيّة المُعتمة للفكرة.
وتابع "هذا إنجازٌ في عصرٍ أهانت فيه وسائل التّواصل الاجتماعيّ الكتابةَ أيّما إهانة، خصوصًا القصيرة منها؛ فكانت القصّة القصيرة والشِّعر أوّل ضحايا هذا النّزوع نحو الاستسهال والرداءة، بعد أن انضمّ عدد هائل من البشر (بغض النّظر عن اطّلاعهم ومعارفهم وقراءاتهم وتمكّنهم اللّغويّ) إلى صفوف كتّاب هذين النوعين، يقدّمون "مساهماتهم" بسطحيّة وضحالة تُشجّعها محدوديّة المساحة المتاحة للكتابة (تويتر)، أو أن التّقليب السّريع لمحتوى هذه المواقع لن يُشجّع على قراءة الموادّ الطّويلة (فيسبوك)، أو أن اللّغة هي ديكور مرافق لصورة (إنستجرام). وغالباً ما تُستخدم لغة تعبيريّة ركيكة، تمتلئ بأخطاء إملائيّة ونحويّة فاضحة، فلا هي بالعاميّة، ولا هي بالفصحى، ولا هي خليطٌ مدروسٌ أو فنيٌّ بينهما. وتحصد مثل هذه الكتابات الإعجابات والتفاعل من مُقترفي مثيلاتها، فالرّداءة تجرّ الرّداءة، ويغيب النّقد بشكل شبه كامل، فيتمادى هؤلاء "الأدباء" في هذرهم دون نقد.
وأضاف "في هذه المجموعة، يوظّف خالد سامح تقنيّتيّ القصّ القصير جدًّا الأساسيّتين بشكلٍ موفّق: المفارقة الذكيّة المُضمرة غير الفجّة (المفارقة الفجّة هي الرّذيلة الرئيسيّة للكتّاب الرديئين للقصّة القصيرة جدًا)، والتأمّل (الأكثر حداثة تقنيًّا، والأكثر تحفيزًا للقارئ على الاضطلاع بدور الشّراكة في النصّ وتشكيله)؛ وهو إذ يحوّل قصصه -ذات السّطر أو السّطرين- إلى عدسة مكبّرة تتفحّص تشوّهات المدينة، وعسف السُّلطة، وابتذال المثقّفين، وأزمات الوجود، وعبثيّة الموت، إلا أنّه يترك ما يكفي من المساحة ليُكمل القارئ ما بقي من أسطرٍ سَكَت عنها الكاتب بمكرٍ مدروسٍ ومُخاتل، هو ذاته مكر السّرد القصير."
وفي ختام الأمسية قرأ صاحب الكتاب عددا من القصص التي يتضمنها، ومنها نختار قصة بعنوان " سندريلا الأميرة":
عندما ثارت الرعية على الأمير هربت سندريلا من القصر، لعنت الساحرة الطيبة، الحذاء الفخم، والعربة المذهبة، ظلت هائمة على وجهها في الطرقات تبحث عن زوجة أب ظالمة، وفراش حقير في أحد مطابخ المدينة.
وفي قصة بعنوان "شهود":
أمر القاضي بإدخال الشهود؛
فجأةً، غصت قاعة المحكمة برؤوس مقطوعة وجثث مسّجاة بالرماد.
كما قرأ قصة بعنوان "سيلفي"، وفيها:
الأعمى الذي دخل لمتجر الالكترونيات لم يكن البحث عن موبايل خاص بالمكفوفين مبتغاه، فقد خرج مبتهجاً بعصا "سيلفي" حديثة.
تجدر الاشارة الى أن الزميل خالد سامح الحاصل على بكالوريوس العلوم السياسية أصدر قبل ذلك ثلاث مجموعات قصصية هي: "نافذة هروب"، "نهايات مقترحة"، "ويبقى سراً".