بورصَة التّوقُّعات ، " ألسِنةُ الخَلق أقلامُ الحَقّ "
علاء مصلح الكايد
15-08-2017 05:15 AM
معَ كُلِّ إشاعةٍ عن تعديلٍ أو تغييرٍ حُكوميّ، تنشغِلُ الصّالونات على اختلاف مشاربها ومسارِبِها متداوِلةً مجموعةً من الأسماء .
و يسهُلُ على المِتَتبِّعِ أن يَعِي قاعِدة انطلاق كُلَّ إشاعَةٍ منها، فقد تكونُ محصورةً في زاوِيَةٍ جُغرافِيّةٍ لفترَةٍ زمَنيَّةٍ مُحَدّدة من مبدأ تداوُلِ السُّلطَة شعبيّاً ! ًو قد تُبنى على قُربٍ مِن مواقِعِ صُنعِ القرارِ في حِقبةٍ مُعيّنةٍ أيضاً ، أو أن تُبنى على كفاءاتٍ وانجازات ملموسة مشهُودٌ لها في ميادين العمَلِ العامّ ، و هذا هو مدارُ الحَديث .
فمُعظُم القاماتِ الوطنيّةِ الأكثَرُ إجماعاً و الِتي لا تغيبُ عن ساحَةِ الضّوء فيما يخُصُّ الحكومات او الدّيوان أو أمانة عمّان و كذلك السّفارات - مع حفظ الألقاب - ( عبد الكريم الكباريتي ، عوض خليفات ، توفيق كريشان ، رجائي المعشِّر ، ناصر جوده ، علاء البطاينة ، عمر الرزاز ، حسين المجالي ، ريم بدران ، ناصر اللوزي ، سمير الحباشنة ، شحادة أبو هديب ، أمجد العضايلة ، جمال الصرايرة ، مؤيّد السّمّان ، مصطفى حمارنة ) و مَن قد أكونُ سهوتُ عنهُم .
لا بل أنّ بعض الذّوات المذكورين آنِفاً ، انتقلت أسمائهم حقيقةً من التوقُّعاتِ إلى التمنّياتِ الشّعبيّة و أحياناً المُطالَبات .
و قبل طرحِ التّساؤل أودُّ التّذكير ، بأنّ كثيراً مِن الأسماء - الّتي لم أطرح أيّاً منها - كانت محطَّ اهتمام شعبيٍّ بالِغٍ على مدارِ أعوامٍ ، و لا أُبالِغُ إذا ما قُلتُ عقوداً من الزّمان ، و لمّا قُدِّرَ لِأصحابِها تولّي أمانةَ المسؤوليّة خابت بِهِم الظُّنون و الآمال ، سواءً كرؤساء حكوماتٍ أو نوّابٍ لهُم أو على مُستوياتٍ وزاريّةٍ و مُستوَياتٍ أقلّ بِرَغمِ أنّهُم انطلقوا مِن القاعِدة الأقوى " الشّعبيّة " و كانَت طريقهُم مُعبّدةً بالورود و حَظوا بأغطيةٍ داعِمَةٍ كامِلة !
فعلى مُستوى الحكومات تحديداً ، يُعدُّ الرّأي العامّ " باروميتر " لقياسِ الرِّضى أو السّخط الشّعبيِّ اذا اعتمد في قياساته على أُسُسٍ واقِعِيّةٍ عِلمِيّةٍ مُستقاةٍ مِنَ الإعلامِ المِهَنِيِّ الصَّادِقِ بعيداً عن القُشُور المُوَجّهة عبرَ مواقِعِ التّواصُل ، تلك الّتي تُحييها الإشاعة و يَمحِيها الخَبَر .
لذا يبقى السُّؤال ، في ظِلِّ افتقار المنظُومة السّياسيّة للأحزابِ البرامجيّةِ القادِرَة على تولِّي زِمامَ الأمور ، لِمَ لا يكونُ هِناكَ - مؤقّتاً - جِهةٌ استشاريةٌ مُستقِلّةٌ تمتلِكُ الأدواتَ و المِصداقيّةَ اللّازِمة لتزويد رؤساءِ الحكوماتِ بالنّصيحةِ ليستأنسوا بِمَدَى القَبولِ الشّعبيِّ لأصحابِ الكفاءاتِ - المشهُورين و المَغمورين - و تُقَدِّمُ تَصَوُّراً مبدئيّاً لمقاييس الرِّضى و النّجاحِ المُتوقَّع لأدائِهم في ضوءِ سِجلّاتِهِم السّابِقَةِ ، بنزاهَةٍ و حياد ؟
و هذا بالمُناسبة لا ينزِعُ عن الرّئيس ولايتهِ العامّة ، بل يُعينُهُ على حُسنِ الاختيار ، فأيُّ رئِيسٍ سيلجأُ لخبرتِهِ الشخصيَّة في اختيار مَسؤولين يتحمَّلُ هو كُلفة نجاحِهِم و فَشَلِهِم إذا ما اضمحلت في عينِهِ وسائِلُ التّزكيةِ أو افتقدت للحِياد المَطلُوب .
كما و لا يُستهانُ " بألسِنَة الخَلق " ، ففي عِدّة مرّات كانَ لِسانُ حالِ الشّارِع ناقِداً - بشِبهِ إجماعٍ - لوزراء و مسؤولينَ قبل تولّيهِم مواقعهُم بِحُكمِ إخفاقاتٍ سابقةٍ ، مِمّا اضطر الرّؤساء للتخلّي عنهُم عِندَ أوَّلِ مُنعطَفٍ حتّى و إن كان بُعَيدَ أسابيعٍ من تكليفهم ، و ما التّعديلُ عنّا بِبَعيد !
أدعو لذلك لأنّ الحقلَ لَم يعُد يحتَمِلُ التّجارُب ، و الموازنة العامَّة أُرهِقَت و حُمِّلَت بتقاعُداتٍ لمسؤولينَ و وُزراء ما لبِثوا و أن غادروا مُحمَّلين بِمزايا لا يستحقُّونها !
أسرُدُ هذا كُلُّهُ لما توحِي بِهِ التّعييناتُ العُليا مِن محسوبيَّاتٍ و مصالِح ضيّقةٍ في كواليسِ التّزكيات ، رُغمَ أنّ الورقة النقاشية السّادسة لجلالة الملك و الّتي تناولت " سيادة القانون أساسُ الإدارة الحصيفة " و " محاربة الواسطة و المحسوبيّة " قد اعتمدت رسميّاً كمرجِعٍ و مِنهاجٍ تدريسيٍّ مِن قِبَل ( المعهَد الأمريكيِّ لمُكافحة الفساد ) ، بينما لم تتجاوز في بلدِنا مرحلة التغنِّي و الغزَلَ الورقِيّ بها !