المثقف الفلسطيني ينتظر مطر أيلول
د. تيسير المشارقة
14-08-2017 12:08 AM
خمسون عاماً من الزمن (1967-2017) احتاجت عملية الإطاحة بالمثقف الوطني الفلسطيني، فهل عادت له الروح واستعاد الوعي بعد الإعلان عن الدولة الفلسطينية المستقلة (العتيدة أو المنشودة وطنياً) والاعتراف بها دوليا كدولة تحت الاحتلال (غير عضو كامل العضوية في الأمم المتحدة)ـــ
المثقف الوطني، وبعد "انتهاء مهمته الهويّاتية" (التأسيس للهوية الوطنية الفلسطينية)، وجد نفسه بلا عمل، مدحوراً بفعل عوامل الزمن وضرورات التغيير.
منذ هزيمة حزيران 1967 والمثقف الوطني في حالة تراجع. أما آن الأوان لمحو آثار الهزيمة واستعادة الروح للمثقف الوطني واستعادة دوره الريادي السابق.
"المثقف الوطني الفلسطيني" مثله مثل حال "المثقف الوطني العربي" تراجع في مواقعه لصالح "المثقف الأصولي والسلفي"، وذلك في مسيرة من التراجعات والهزائم نبدأها بهزيمة "المثقف القومي العربي" عام 1967. هذه الهزيمة صعقت العقل العربي، وكان انتحار الأديب الأردني تيسير سبول مثالاً على فاجعة المثقف بالهزيمة النكراء
ويلحظ الكثير منّا أن هناك صعوداً للمثقف السلفي اليميني والمثقف السلطوي والمثقف المستبد والأصولي والسلفي.. ويا ويلنا من أنماط أخرى من المثقفين. المثقف ارتد إلى الذات واندحر وعاد يُقلب كتب التعاويذ والأساطير والخرافة.
صار شغل المثقف الوطني بعد 1977 إثر (ذهاب السادات للقدس يرافقه الروائي يوسف السباعي وزير الثقافة) هو انتظار الموت بعد الهرم. إذاً، المثقف الوطني العربي مهزوم منذ 1977، مع زيارة السادات للقدس المحتلة وتحدّثه في الكنيست الإسرائيلي.ـ
أما المثقف النخبوي الفلسطيني فقد تراجع لصالح المثقف الجماهيري العام 1987 باندلاع الانتفاضة الشعبية الأولى. وكان عام 1997 بداية نهاية أو انهيار المثقف الموضوعي، وبداية صعود لتيارات جديدة من المثقفين الشعبويين والأصوليين الذين صاروا ينادون بالعودة إلى صيغة تعود للبدايات الأولى بكل أخطائها و استخدام أدوات كفاحية تعود لما قبل "هزيمة 1967" ، وهي الرصاصة الأولى والعودة للبدايات والمجد للمقاومة ولا للمساومة ..
هذا "الخطاب الارتدادي"(عن المقاومة الشعبية التي حققت انتصارات في عام 1987) فتح الدروب لانتصار المثقف الأصولي البديل والجاهز والراغب باحتلال منابر البطولة والاستحواذ على المسيرة، بحجة "ضلال الطريق" و"الإصلاح والتغيير" و"فساد الثورة" (وفي الخطاب بعض الحق يراد به باطل).
أخيراً، تكرّست هزيمة المثقف الوطني الفلسطيني بعد 2007 بصعود الاتجاهات الدينية على رافعة المثقف الأصولي والسلفي، واعتلى هذا التيّار منبر البطولة والمقاومة في غزة، ولم ينزل عنه حتى الآن(2007-2017).
عودة الروح للمثقف الوطني بحاجة إلى روافع جديدة .ـ
... بانتظار مطر أيلول.