الإحتلال الإسرائيلي المرن .. قصة صمت وقصة جهر
حسين غازي خير
06-01-2009 09:27 PM
دخلت عملية إعادة إحتلال قطاع غزة يومها الحادي عشر ، ضمن إطار نظرية ( الأحتلال )حسب العقيدة العسكرية الإسرائيلية غير المعلنة ،Elastic Occupation المرن ،
حيث تقوم نظرية ( الإحتلال المرن ) على المرتكزات التالية :
1. إنسحاب أسرائيل ، الدولة المحتلة المفاجئ ، من بعض الأراضي التي كانت تحت السيطرة العسكرية والإحتلال الإسرائيلي بسبب :
أ. ضغط المقاومة في تلك الأراضي المحتلة .
Cost Benefit ب. إرتفاع كلفة الإحتلال حسب قياسات الربح والخسارة الإسرائيلية
( كما كان حال الإنسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000 ، ومن قطاع غزة بعد ذلك)
2. يواكب ذلك الإنسحاب ، إحتفاظ إسرائيل بحقها غير المشروع ، في ممارسة السيادة البرية والجوية والبحرية المطلقة على الأراضي التي انسحبت منها ، وعلى تخوم تلك الأراضي ما أمكن .
3. عدم التزام اسرائيل بأيٍ من الأعراف والمواثيق الدولية ذات الصلة ، التي ترتب عليها إلتزامات كدولة إحتلال بموجب انسحابها ، بل على النقــيض من ذلك ، قيام إسـرائيل بترك ( بؤرة فراغ سيادي ) تعمل هي على تعبئته بعد انسحابها ، من خلال إيجاد حلفاءٍ لها قبل وبعد عملية الإنسحاب.
4. أحتفاظ إسرائيل بحق إعادة الإحتلال ، حسب المعطيات الإستراتيجية الأمنية السلبية المستجدة عليها والمتوفرة لديها ، فلها ( أي أسرائيل ) وبموجب نظرية ( الإحتلال المرن ) ، العودة إلى الأراضي التي انسحبت منها وإعادة إحتلالها لتحقيق أهدافها الإستراتيجية ، كما حاولت في جنوب لبنان صيف عام 2007 ، والتي فشلت فيها فشلاً ذريعاً ، وكما هو حاصلٌ الآن في قطاع غزة ، والتي يرتقب نتائجها .
أي أن الحكم على نجاح نظرية ( الإحتلال المرن ) الإسرائيلية أصبح الآن على المحك وقيد الإختبار ، فإن نجحت إسرائيل في تحقيق أهدافها في قطاع غزة ، فمن الممكن أن يرتد نجاح النظرية على جنوب لبنان و دول أخرى من العالم العربي ، حتى وإن ارتبطت أسرائيل معها باتفاقيات سلام ، وإن فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها الإستراتيجية في قطاع غزة ، فشلت النظرية ، مما سيربك العقيدة العسكرية الإسرائيلية غير المعلنة في بعض جوانبها ، ويعمل على إعادة النظر فيها .
5. ضرورة قيام أسرائيل بتأمين الغطاء السياسي والدبلوماسي لها على المستوى المحلي والإقليمي والدولي ، لحشد الدعم لإحتلالها المرن .
وفي هذا السياق ، فالوضع بغنى عن التعريف حول مدى نجاح أو فشل الغطاء السياسي والدبلوماسي المطلوب تأمينه لإسرائيل بشكلٍ عام ، خاصة أن الأمور قد تكشفت على كافة المستويات المذكورة في معظمها ، ولكن وفي بعض جوانب هذا السياق وأهم جانب منه ، فلا تزال بعض الأمور مبهمة لجهة تقييم (استراتيجية دعم أو عدم دعم إسرائيل المعلنة وغير المعلنة من قبل الإدارة الأمريكية ) من حيث :-
أ. قيام الرئيس الأمريكي الحالي جورج بوش الأبن ، بتقديم الدعم السياسي والدبلوماسي لإسرائيل جهارةً ، ودعم نظرية ( الإحتلال المرن ) .
ب. عدم قيام الرئيس المنتخب باراك أوباما ، بتقديم أي تعليق حول موضوع الدعم أو عدم الدعم لإسرائيل ، أي قيامه بالصمت حيال ذلك .
ولكن ، ومن الملفت للنظر ، قيام الرئيس المنتخب أوباما ، بالإعلان عن كافة جوانب سياساته الرئيسية القادمة المتعلقة بأزمات أمريكا المحلية والدولية المختلفة ، كالأزمة الإقتصادية ، من خلال إنتقاء فريق عمله ، ووضع استراتيجية للتصدي لكافة الأزمات .
يعكس ماتقدم ، حرص الإدارة الأمريكية على ترك باب خروج من الأزمة للرئيس المنتخب أوباما ، حال فشل نظرية ( الإحتلال المرن ) الإسرائيلية ، وذلك من خلال عدم دعمه لها وصمته حيالها ، وإبقاء باب الدخول له مفتوحاً على الأزمة بعد انتهاءها ، حال نجاح النظرية الإسرائيلية المذكورة من خلال عدم نقده لها .
ويبقى السؤال : بما أن هنالك تحالف وتعاون استراتيجي وثيق مابين أمريكا و أسرائيل ، وتكامل مابين عقيدتيهما العسكريتين ، فلماذا نشهد قصة صمت الرئيس المنتخب أوباما ؟