غياب عباس!!رجا طلب
13-08-2017 03:40 AM
الشارع الفلسطيني المحبط والمتشائم مما يسمى بعملية السلام لن يبقى صامتاً في حال غياب عباس وبدء التنافس أو الصراع بين ( فتح الحركة وفتح الأمن ) ، وتحديداً إذا قررت إسرائيل التدخل لصالح طرف أو أطراف في هذا التنافس توصل الباحثان الأمريكيان حسين آغا وأحمد سامح الخالدي في بحث نشر مؤخرا في مجلة "نيويوركر" عن النظام السياسي الفلسطيني والسلطة الفلسطينية إلى جملة من الاستنتاجات تمحورت حول شخص رئيس السلطة محمود عباس بصورة أساسية، ورغم الخبرة العميقة للباحثين وقربهما من أجواء عملية السلام والمفاوضات وظروف تكوين السلطة الفلسطينية إلا أن عدداً من تلك الاستنتاجات لم يكن دقيقاً، فيما البعض الآخر لامس الحقيقة والواقع.الاستنتاج الأكثر إثارة وجدلاً هو المتعلق بمصير فتح والسلطة الفلسطينية بعد غياب محمود عباس، حيث يقول الباحثان إن "عباس هو الرجل الأخير في حركة فتح الذي يملك القدرة على توقيع اتفاق سلام مع الاحتلال الإسرائيلي خلال الفترة الحالية".ويضيفان في البحث المشار إليه "أنه بعد عباس لن تقوم قيادة للسلطة الفلسطينية لفترة طويلة، وأن حركة فتح التي يتزعمها عباس ستبدأ بالضمور في ظل الصراعات الإقليمية".في الحقيقة إن التكتيك الذي اتبعه رئيس السلطة محمود عباس منذ توليه "الحكم" والقائم على تعظيم التعاون الأمني مع إسرائيل، جعل هذا التعاون بديلاً عن اتفاق السلام الذي لا يملك عباس أي قدرة في التفاوض عليه في ظل ميزان قوى منحاز كلياً لإسرائيل .فنهج المفاوضات من أجل المفاوضات و"تقديس" التنسيق الأمني مع إسرائيل ومنع أي نوع من أنواع المواجهة مع جيش الاحتلال، خلق واقعاً جديداً يخدم استمرار الاحتلال وسياسته الاستيطانية، وألغى مبدأ الأرض مقابل السلام من العقل السياسي الإسرائيلي وبخاصة اليميني منه، فمحمود عباس عاجز عن صناعة السلام الذي يريده الفلسطينيون والمتمثل في إقامة دولة فلسطينية في حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وعلى عكس الخلاصة التي توصل اليها الباحثان فان حركة فتح مازالت تضم أسماء قادرة على استعادة زمام المبادرة وكسر نهج محمود عباس القائم على ثنائية (التفاوض المفتوح والتنسيق الأمني غير المشروط).وبسبب هذا الواقع، فان الاستنتاج الآخر للباحثين والقائل "إنه بعد عباس لن تقوم قيادة للسلطة الفلسطينية لفترة طويلة، وإن حركة فتح التي يتزعمها عباس ستبدأ بالضمور في ظل الصراعات الإقليمية" هو استنتاج صحيح إلى حد بعيد، خاصة أن الباحثين أشارا إلى مسالة جوهرية ومهمة للغاية في تشخيصهما لطبيعة نظام الحكم الذي صنعه عباس، حيث يقول الباحثان:لقد تحول النظام السياسي الفلسطيني لنظام رئاسي يهيمن عليه رجل واحد، وإلى جانب الجهود للسيطرة على ما تبقى من مؤسسات متهالكة في حركة فتح تعمل قيادة السلطة الفلسطينية على إسكات كل معارضة سياسية حقيقية".لذا فمن الصعب ولادة قيادة جديدة لحركة فتح والسلطة من داخل "إرث عباس" الذي أجهز على كل المؤسسات وقيدها بشخصه، بما في ذلك السلطة التشريعية والسلطة القضائية .ولادة قيادة جديدة بنهج جديد يعني بالضرورة حدوث انقلاب حقيقي داخل الحركة يلغى "الإرث العباسي" ويعيد بناء الحركة والنظام السياسي الفلسطيني على أسس جديدة تقترب إلى حد كبير من نهج ياسر عرفات الذي كان يوظف التنسيق الأمني وأوسلو لخدمة مشروع الدولة.وفي حال التوقف عند الأسماء المطروحة لخلافة عباس ومن أبرزهم بعد استثناء صائب عريقات بسبب مرضه، سنجد أن هناك اسمين مطروحين بجدية الأول هو محمود العالول الذي عينه عباس نائباً له في رئاسة حركة فتح، والثاني هو ماجد فرج مدير المخابرات الفلسطينية الذي بات يتولى ملفات سياسية مهمة وحساسة بالإضافة لدوره كمدير للمخابرات، والاثنان هما امتداد طبيعي لنهج عباس.وفي كل الأحوال، فإن الشارع الفلسطيني المحبط والمتشائم مما يسمى بعملية السلام لن يبقى صامتاً في حال غياب عباس وبدء التنافس أو الصراع بين "فتح الحركة وفتح الأمن"، وتحديداً إذا قررت إسرائيل التدخل لصالح طرف أو أطراف في هذا التنافس لحسم الأمور لصالح من تراه الأقرب لها ولتنفيذ أجندتها، فالشارع الفلسطيني يغلي بسبب تراكم الإحباط ولا يحتاج إلا للشرارة التي توقد الغضب والانتفاضة، وعندها ستدخل مرحلة ما بعد عباس حالة من الفوضى تمهد ربما لبناء نظام سياسي جديد بقيادة جديدة وبنهج جديد. |
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة