قال عجوز أردني حكمة لم افهمها الا بعد حين وهي (الحكومة مثل حبة الجوز لن تأكل منها ما لم تدقها بحجر).

لقد أثبتت التجربة ان هناك عاملا مشتركا بين الحكومات الاردنية المتعاقبة وهو ( التلكؤ ) في تنفيذ القرارات أو التوصيات وحتى احيانا التوجيهات الملكية !! كيف ولماذا لا أدري ؟؟.

كلهم يتغنون بالقضاء الاردني ابتداء من رئيس الحكومة وانتهاء بأصغر الوزراء سنا ولكنهم يبيعون من الكلام أكثر مما يفعلون معتمدين في ذلك على خجل المجلس القضائي وصمت القضاة ..

الحكومة تعرف أن القضاة لا يتقنون (دق) حبة الجوز ولذا فإنها تتلكأ وتغرق في البيروقراطية وتشتري الوقت وتراهن على النسيان.

مناسبة هذا الحديث موضوع التأمين الصحي للقضاة وهو احد توصيات اللجنة الملكية لتطوير القضاء ، وقد كتبنا وكتب اخرون في هذا الموضوع منذ شهر نيسان الماضي فانبرى دولة الرئيس وأصدر قرارا في العشرين من نيسان الماضي بشمول القضاة وعائلاتهم بالتأمين الصحي اسوة بالوزراء والنواب ، فقلنا ان السيد الرئيس أكثر الرؤساء تقديرا وعناية بالجهاز القضائي ، ولكننا لم نكن نعلم أن المسافة بين الدوار الرابع ووزارة العدل الى وزارة المالية أبعد من المسافة بين واشنطن وبيونغ يانغ وها هي أشهر اربعة قد مضت منذ وعد الملقي للقضاة وما زالت اجهزة الحكومة مشغولة جدا بأعداد نظام تأمين صحي للقضاء وربما يحتاج الامر الى مباحثات واجتماعات ووسطاء ولجان تنسيق بين وزارة العدل ووزارة المالية وديوان التشريع وربما يوجد من ينوي ( قصقصة ) النظام وتقزيمه حتى لا ينتج ثمرا ولا يجدي نفعا ..

اليس هذا الامر مثيرا للدهشة ؟؟ كيف انجزت الحكومة مشاريع تعديلات على حزمة قوانين ودفعت بها الى مجلس الامة وتتعاجز عن انجاز نظام تأمين القضاة ؟؟ ان لم يكن في الامر سوء نية ورغبة مبطنة في الالتفاف على الموضوع ؟؟

بالأمس اعلن مصدر حكومي انجاز مشروع قانون معدل لقانون ضريبة الدخل !! وأغلب ظني ان قانون الضريبة سيرى النور قبل أن يرى القضاة نظام تأمينهم الصحي !! ويا سبحان الله ما أسرع الحكومة في انجاز قوانين الضرائب وقرارات رفع الاسعار.

مائة وعشرون يوما مرت والحكومة بصدد انجاز نظام التأمين الصحي للقضاة ولو كلفني به دولة الرئيس ( مجانا ) لوجه الحكومة البهي لأنجزته في اربع وعشرين ساعة !!

أسأل الله أن ترحل الحكومة قبل صدور هذا النظام حتى لا يسجل لها انجاز يضاف الى انجازاتها العبقرية ..

أما السادة القضاة المحترمون ومجلسهم القضائي الصامت فأقول لهم كما قال ذلك العجوز الحكيم – عودوا لقراءة السطر الاول من هذا المقال -