حتى لا يضيع الأردن إرضاءً لإسرائيل
06-01-2009 07:36 PM
البقاء في هذا الزمن هو للأقوى ، وإن لم نكن أقوياء لن نستطيع ان نحمي ولا ندعم لا غزة فلسطين وأهلها ولا مدّ يدّ العون للمدنيين والعائلات الثكلى هناك ، فاليد المشلولة لا تقوى على الإمتداد ، والجسد الضعيف لا يقوى على رفع حجر عن ظهر الجسد الأضعف .. ومرحلة ما بعد غزة هي أخطر من الحرب على غزة إن سقطت ، فتلك مؤامرة كبرى على الشعب الفلسطيني وعلى مستقبله،وبحث عن بدائل لدولته !
لهذا يجب ان يبقى الأردن قويا منيعا ، بعيدا عن المساجلات الإعلامية والدسائس السياسية التي تهدف الى تثبيط معنويات أبناءه الذين طفح الكيل بهم من سياسات اسرائيل والغرب ، فخرجوا عن صمتهم ليوصلوا الرسالة الى تل أبيب وواشنطن من خلفها ، إن الصغار كبروا والكبار لم ينسوا ، والأردن أرض وشعب ونظام ، لن يكون بديلا عن أحد ، ولن يخذل أحد ، ولم يتقاعس أصلا عن نصرة أحد ، وسيبقى داعما بشعبه " الإخلاص المصبوب " لوحدة أرضه ، و قضايا أمته ، وقيام دولة فلسطينية كاملة متكاملة مسيجة بالقوة على تراب فلسطين الطهور، وغزة جزء لا يتجزأ منها ، قادها من قاد ونكص عن ركبها من نكص .
وبعيدا عن التحليلات المقروءة من هنا أو هناك ، يجب استمرار الدفاع عن غزة ودعم أبطالها الذين يقامون بما أوتوا عن ثرى فلسطين الطاهر ، ومنعة لأهلها الذين هبطت عليهم كارثة قادمة عبر الفضاء وعبر البحر وعبر الأرض وهم لا زالوا كالجبال صامدون أمام أحد عشر يوما من القصف الحارق على مدار الساعة ، ملتحمين كالسباع مع وحوش لواء جولاني المسعورة المنفلتة .
وإن كانت عصابة تل أبيب اختارت طريق الحرب القذرة ، فذلك شأنها ، ولا يجب ان يدفع الشعب الأعزل ثمن مغامرات الشلة العسكرية الإسرائيلية ، وأن يخسر أرضه ومستقبل أجياله التي راهن عليها بدمه وصموده وتشريده على مدى ستة عقود مضت ذاق فيها الويلات
..يجب علينا جميعا ان نحارب بضراوة من أجل إقامة الدولة الفلسطينية على جميع أراضي فلسطين كاملة ، وهي دولة ستكون قوية بأهلها الصامدين الشجعان وانتصار غزة وأشاوسها هو انتصار للقضية الفلسطينية ، وحد التغول العسكري والسياسي للكيان الإسرائيلي الذي يحارب حتى جماعات السلام الإسرائيلية التي تعارض حروب اسرائيل وسياساتها النازية ، وأصواتها تقارن ما بين النظام السياسي العسكري في تل أبيب ، والنظام النازي في الرايخ الثالث
وعليه فإننا دائما مع فلسطين العروبة و من ينصرها ، ونكره ما نكره ، كل فئوي أو إقليمي أو متزمت باسم الأوطان أو الحزبية الضيقة التي تخدم الفرقة أكثر مما تخدم الهدف الواحد للأمة الواحدة ، حتى لا تضيع الأرض ولا يموت الشعب ، ولا يتمدد سرطان اسرائيل مرة أخرى .
لذا فمن يعيب على الفلسطيني أنه يقاتل أو يطلق قذيفة أو يفجر نفسه ، فليتذكر إن هدفه هم قطعان من القادة الصهاينة جلبوا قطعان أكبر من شعوب البلاد الغربية كلها ، ينتمون الى دين واحد وعقيدة واحدة ، يهود نبذتهم دولهم ، وشجعتهم على المشاركة في احتلال واستعمار أرض فلسطين ، ولأنهم يعلمون بأنهم لصوص ، كان لا بد من غطاء عسكري وتحالف قوي لتمكينهم من الثبات بقوة على الأرض ، واعتمدوا على قادتهم السياسيين في استراتيجيات السياسة الفضفاضة والمراحل الطويلة الأمد ، ولعبة الأمم المتحدة ومجلس الأمن ، وقرارات الشرعية الدولية ، والأهم إلقاء مشاكلهم ومصائبهم وتعقيداتهم على جيرانهم العرب .
و لعمري شيء معيب .. أن يخرج من بين ظهرانينا من يشكك أويقذف ويرمي الاتهامات دون أدنى قيمة للبشر أو للمقاومة الباسلة التي تثبت كل يوم إن الحديد لا يفلّ إلا بالحديد ، وإن الحق وإن تواضعت قوة صاحبة ، أكبر قدرة من الباطل وإن تعاظمت قدرته وبطشه .
واليوم نجد لزاما علينا العودة للتحذير من أي خطة أو مخطط قد يستهدف الأردن ‘إرضاءا لأي طرف على حساب هذا الوطن الذي لم يكن يوما إلا مع الشقيق ، ومع الصديق ، ومع الحق ، ومع المساعدات ، ومع الهبّات ، رغم اختلافنا مع سياسات الحكومات ، ومعاهدات الحكومات السابقة مع العدو الصهيوني ، الذي سبقتهم عليه سلطة الأشقاء ، وقبلهم " الشقيقة " الكبرى مصر ، التي أعاد نظامها سيناء الأرض وخسر مصر ّ الشعب ، على ما قال شاعرهم !
نحن نتمنى اليوم الذي لا نرى فيه صهيوني ولا مكان سفارته ، ولكن لولا العلاقة الديبلوماسية مع الكيان الإسرائيلي لما وصلت قوافل المساعدات الإنسانية ولا دماء الجماهير الأردنية الى غزة الجريحة .. غزة التي أصابتنا بالخزي ، لأننا لا نملك من أمرنا سوى ما تملك النساء الثكالى من صراخ وعويل ، نهرول وكأننا حجارة تدحرجنا هزة أرضية من أعلى جبل، فلا نصيب عدو ، ولا نحافظ على صديق .
المعنى الأخير .. يجب ان نحافظ على جسم الوطن الأردني كما هو ونضعه بين عينينا ، وخلف قبضاتنا ، وما دفاعنا عنه إلا حفاظا على غيره ، في ظل سياسة صهيونية نبتت شجرتها الحمراء على ضفاف أنهار الدم التي سالت عبر كل شبر من أرض فلسطين .. فهل ستذهب كل دماء أبناء أمتنا هدرا ؟ .. وهل هناك عاقل يقبل أن يمسح ملايين الدفقات من الدم الأحمر بجرة قلم حبر أزرق ؟ .. ليس العرب .. ولا أهل الفطنة والكياسة !! واسرائيل السياسية العسكرية ليس لها أي ميثاق فاحذروها ، حتى لا يضيع وطن على أمل سلام ليس له وطن !
الأردن ليس أولا فحسب .. الأردن فقط ! .. قد يكون هذا هو الحل حتى يعلم البعض إن طعم العافية لا يدرى به إلا حينما يهوي المرء في مخالب المرض .. الأردن بعافية فتعافوا يرحمكم الله ، وتذكروا إن صلاح الأمة لن يكون إلا إذا خرجت أجيال تتربى على محبة الله وتعاليمه ، والعروبة وقيمها ، والإيثار وحسن اختيار الأخيار .
ولنتذكر ان الأردن كالشمس تخرج كل يوم صامتة فتشيع الضياء والدفء في كل الدنيا ، مقابل مرة أو مرتين يأتي بهما الرعد مجلجلا قاصفا مدويا ، فتسمعه كل الدنيا ، ولكن ، قد تمطر أو لا تمطر ، وما أمرنا إلا بين كاف ونون .. ولتحيا غزة فلسطين وأهلها !
Royal430@hotmail.com