كان ينبغي أن أتخذ قراراً لصالح أصدقائي الذين أحبهم في ((خريبة السوق و الطيبة))، أنقذ فيه نفسي وأنقذهم من الشرور و الخرافة. بأن لا أسير معهم في ذلك الطريق السهل الذي لن يؤدي إلى أي شيء.. اخترت المشي في الطريق الوعر ، إلا أنه الأقرب إلى الحقيقة. صحيح أن عدم اليقين يظلل الطريق، والضوء يأتي من بعيد إلا أن السير وحيدا بعيداً عن الضجيج، جعلني أسمع صوت قلبي بهدوء، بعيداً عن جلبة المارة و العربات والباعة المتجولين.
هذا الأمر ذكرني بحكاية ذلك السلطان الذي أمرت حاشيته بقطع اصبع قدمه لكي لا ينتشر المرض في جسمه. ارتعب السلطان من الأمر فسأل وزيره: ما العمل؟ الوزير الذكي طلب من السلطان استشارة الطبيب، الذي اقترح قطع الإصبع الكبير خشية انتشار الغرغرينا إلى كل أنحاء الجسم. وافق السلطان أخيرا وتم قطع الإصبع. بعد ذلك سمع وزيره يكرر العبارة التالية: لعله خير، لعله خير، لعله خير. ظن السلطان الزعيم أن الوزير يفرح بقطع إصبع قدم السلطان. فأمر بسجن الوزير عقاباً له.
ذات رحلة صيد للسلطان، هاجمته قبيلة متوحشة بربرية، ولما وجدت أن اصبعه غير موجود، تركته لأنهم لا يمكنهم أن يقدموا رجلاً بلا إصبع لربهم قربانا. وفي طريق عودته إلى سلطنته فكّر السلطان بوزيره المحبوس قائلاً لنفسه: لربما هذا هو الخير الذي كان يقصده الوزير. فأمر بإخلاء سبيله. ولمّا خرج الوزير من الحبس، قال للسلطان: ألم أقل لك (( لعله خير))..لأنني لو كنت معك، لكنت ذلك القربان إلى الآلهة، وأن السجن قد حماني من الشر والجهل والقتل.