هناك قولة مشهورة لونستون تشرشل رئيس وزراء المملكة المتحدة السابق مفادها أنه "في السياسة ليس هناك عدو دائم او صديق دائم هناك فقط مصالح دائمة". وهكذا لا يهم إن كنت عدوا بالأمس أو رفيقا في الدرب، فكما يقال اليوم خمرٌ وغدا أمرٌ. غير أن الأمر حين يتعلق بتاريخ نضالي وكفاحي يمتد لـ20 سنة أو أقل ضد فئة كان يعتبرها فاسدة ولا تخدم الصالح العام ويجب محاربتها وبين عشيّة وضحاها يصبح من أشدّ المناصرين لها ويعتبر أن المرحلة تفرض ذلك ويتحجّج بأشياء واهية ليبرّر انضمامه لذلك التحالف ويضرب تاريخه النضالي عرض الحائط !!!هنا نتساءل أي شرف وأية أخلاق قد بقيت؟
فالسياسة في جوهرها فلسفة الجمع بين المتناقضات أو قل هي شعوذة فكرية تحاول أن ترصف المستحيلات جنبا إلى جنب في طوباوية غريبة وتلقائية نادرة حتى يختلط الحابل بالنابل ويتداخل سواد اللون مع بياض اللوحة فلا يفرق الناظر بين لون ولون أو بين سحابة وسماء.
لكن الخطير في الأمر أن يثق رجال الدين بنواياهم ويلقوا بأنفسهم في أتون السياسة وهم لا يدركون أن عاهرة تأكل بثدييها لا تحنث بعدها كما يحنث سياسيو العصر وأنهم يُعَرِّضون سمعة المتدينين ومستقبل الدين لخطر عظيم إن هم حنثوا بأيمانهم التي عاهدوا الله والناس عليها على ملأ من كاميرات الكون التي تصور كل خالجة وخاطرة.
أراد والدان أمريكيان أن يتنبآ بمستقبل ولدهما المهني وقررا أن يختبراه فوضعا ورقة نقدية من فئة العشرين دولارا وإنجيلا وزجاجة ويسكي على الطاولة.
وقال الرجل لزوجته: "إن أخذ الولد الورقة النقدية فسيكون رجل أعمال ناجح ولو أخذ الإنجيل فسوف يكون دين أما لو تناول زجاجة الخمر فإنه بلا شك سيكون مدمنا".
ولأن الأم تثق في عبقرية زوجها عالم النفس الشهير وافقت أن تحبس نفسها وأنفاسها مع زوجها خلف باب الحمام الخاص بالغرفة ليراقبا الولد سرا دون أن يشعر بوجودهما.
وجاء الولد فرأي الخيارات الثلاث مطروحة على طاولة الاختبار فتناول الورقة النقدية ودسها بسرعة في جيبه.
عندها فرح الأب كثيرا لأنه كان يرغب في داخله أن يرى ولده من علية القوم لكن الولد سرعان ما فاجأه حين تناول الإنجيل ووضعه في جيبه الآخر.
عندها قال الأب في نفسه "لا ضرر أن يكون الولد رجل أعمال صالح رغم صعوبة التوفيق بين الخيارين".
لكن الدماء تجمدت في شرايين الأب وهو يرى ولده يتناول جرعة من الخمر قبل أن يضع الزجاجة تحت إبطه وينصرف.
وحين سألت الأم المشدوهة زوجها عن مستقبل ولدهما أجاب متحسرا: "سيكون ولدك سياسيا يا امرأة".