لربما أكون مخطئا إذا خالفت غالبية الآراء اتي ترى أن الأخطاء التحكيمية هي السبب الرئيسي والوحيد في خسارة الفيصلي أمام الترجي التونسي، لكن هذا لا يمنعني من طرح وجهة نظري المخالفة إن لم تكن الشاذة لأترك لك الحكم عزيزي القارئ على مدى صحتها أو خطأها.
يستند رأيي في السبب الرئيسي للخسارة إلى التصريح الذي أدلى به نيبوشا المدير الفني للفيصلي في المؤتمر الصحفي الذي عقد عقب انتهاء المباراة، حيث قال فيه مما قال: "ربما تعرض لاعبو الفيصلي إلى ضغط أكبر مما يحتملون".
إن كل لاعب من لاعبي أي فريق يلعب في أية مباراة نهائية، يتعرض لضغط ما بشكل أو بآخر. فأين يكون الاختلاف إذن بين كل لاعب ولاعب آخر بالنسبة لهذا الضغط؟
يكون الاختلاف في طريقة تعامل اللاعب مع هذا الضغط سواء كان كبيرا أم صغيرا. ويعتمد مدى نجاح طريقة تعامل اللاعب مع هذا الضغط على عدة عوامل، أبرزها وأهمها ما سأطلق عليه اصطلاحا: "النضوج" النفسي.
وأقصد ب"النضوج" النفسي مستوى الحالة النفسية الذي يكون عليه اللاعب من ناحية التركيز، والانتباه، والدقة، ومقاومة
الضغوط، والتكيف مع الظروف المحيطة بالمباراة، والتحمل النفسي.
ولعلني لا أغالي إذا قلت أن لاعبي الترجي كانوا ناضجين نفسيا أكثر بكثير من لاعبي الفيصلي، وبالتالي حققوا نجاحا كبيرا في طريقة التعامل مع الضغط الذي تعرضوا له. وفي أغلب ظني كان ذلك النجاح هو السبب الرئيسي في تغلبهم على الفيصلي، لكنه ليس الوحيد؛ فالأخطاء التحكيمية ساعدت الترجي بطريقة ما أو أخرى وبدون أدنى شك في الظفر باللقب.
إن خسارة اللاعب الأردني لل"نهائي" هذه المرة لم تكن الأولى في تاريخه، إن كان في صفوف المنتخب الأول أو في صفوف الفريق الأول لأي ناد، فقد خسره قبل هذه المرة ست مرات وفاز فيه أربع مرات، وذلك في البطولات العربية والآسيوية الرسمية.
ولا بد من مراجعة متأنية لتاريخ اللاعب الأردني مع الـ "نهائي" لكي نقف على سبب واحد على الأقل قد يكون مشتركا للخسائر السبعة التي مني بها النشمي عبر عقدين من الزمان.
أولى هذه الملاحظات التي تقف عندها هذه المراجعة هي أن اللاعب الأردني خسر الـ "نهائي" في أوقات قاتلة ثلاث مرات من تلكم المرات السبعة.
فالعراق تعادل مع النشامى في الدقيقة 87 من عمر نهائي غرب آسيا الذي أقيم في سوريا عام 2002 قبل أن يفوز عليهم بهدف ذهبي في الوقت الإضافي. وإيران سجلت هدف الفوز على النشامى في الوقت القاتل من زمن نهائي غرب آسيا الذي أقيم في طهران عام 2008. والبحرين سجلت هدف الفوز على النشامى في الزفرات الأخيرة من الوقت الأصلي لنهائي مسابقة كرة القدم في دورة الألعاب الرياضية العربية التي أقيمت في قطر عام 2011.
السؤال الذي تقودنا إليه هذه الملاحظة: هل جاءت خسارة اللاعب الأردني لـ "النهائي" في الوقت القاتل ثلاث مرات صدفة؟
ثاني هذه الملاحظات أن اللاعب الأردني خسر ال"نهائي" على أرضه وبين جمهوره مرتين من تلكم المرات السبعة.
فخسر الفيصلي الأولى أمام أولمبيك خريبكة المغربي عام 1996 بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد له. وخسر الثانية أمام وفاق سطيف الجزائري بهدف نظيف في إياب النهائي بعدما تعادل معه في ذهاب النهائي هناك في الجزائر بهدف لكل منهما.
والسؤال الذي تستدعيه لنا هذه الملاحظة: ما الذي يمنع اللاعب الأردني من استغلال أفضلية اللعب في ال"نهائي" على الأرض وبين الجمهور؟
ثالث هذه الملاحظات أن اثنين من المدراء الفنيين الذين تسلموا قيادة دفة سفينة اللاعب الأردني، فاز كل منهما كمدير فني مع لاعب بلاده ب"نهائي" واحد على الأقل. الأول الجوهري وقد قاد اللاعب المصري للفوز بنهائي أمم أفريقيا عام 1998. والثاني عدنان حمد وقد قاد اللاعب العراقي للفوز بنهائي غرب آسيا عام 2002 كما ذكرت آنفا.
والسؤال الذي تطرحه هذه الملاحظة هو: لماذا عجز كل منهما من الفوز ب"نهائي" رسمي مع اللاعب الأردني؟
إنني أكاد أجزم أن الإجابة على الأسئلة الثلاثة أعلاه تكمن في سبب رئيسي مشترك للخسائر السبعة لكنه ليس الوحيد وهو أن اللاعب الأردني لا يتعامل بطريقة ناجحة مع الضغط الذي يتعرض إليه قبل الـ "نهائي" وخلال أوقاته العصيبة خاصة في الأوقات القاتلة. وسبب ذلك يعود إلى عدم وصوله إلى مستوى عال من "النضوج" النفسي.
وعليه لعلني لا أجانب الصواب إذا ما ناشدت الاتحاد الأردني لكرة القدم بأن يسن قانونا يفرض من خلاله على كل نادي أردني أن يعين ضمن كوادره خبيرا واحدا على الأقل في علم النفس الرياضي تكون مهمته الرئيسية والأولى: إعداد اللاعب الأردني إعدادا نفسيا وذهنيا يصل به إلى أعلى مستويات "النضوج" النفسي.