قلبي كالبوصلة ؛ أينما أدرته إتجه شمالا رغم جاذبية كل الجهات ، شيء من الفرح يلامسني وأنا أقود قلبي كالطائرة ، أعبر طريق جرش الزرقاء وأقطع "السيل" الذي لا ينام ..
في جرش بنى الرومان مدينتهم "جراسيا" ولكن ظل دمها عربيا ، تتوسط التلال كفتاة مدلّلة ، وتفرد ثوبها على كل القرى المجاورة ، تمرّ على قرى " المعراض" ، تسلّم على زيتون" الكتة " ، وبساتين "ريمون " ، وتلّوح لـ"سوف" حيث تغفو بعيدا بهدوء ، ثم تصعد بلا تعب نحو " ساكب" وهي تفرد أجنحتها لتلامس بخجل جارتها " الصفصافة" حيث يقيم اللزّاب والبلوط صلاته كل ليلة ، من "ساكب " يخشع القلب وأنت تدلف نحو سيدة الأماكن ، ابنة الغيم ، نحو عجلون ، لكن قبل ذاك بقليل لا بدّ أن تستنشق هواء " القاعدة" وتشخص البصر من هناك إلى الطلّة الأولى " للقلعة"..!!
في الطريق من جرش إلى عجلون تجد أكوام التين والعنب تباع على جانبيه ، لا بد من الوقوف والشراء ، ويحلف عليك الصّبي إلا أن تتذوق حبّة تين ، ويقسم لك أنه بلدي وأنه من حاكورة البيت ...
في تلك القرى ثمة طيب وثمة روح تشبهنا ، وثمة سلاسة في الحديث رغم وعورة الأرض وجعلكة الطبيعة وقسوة الزمن ... في تلك البلاد ثمة وجع ورضا وكبرياء لا تجده إلا عند الأردنيين ...!!