الشاعر ماجد نصيرات وديوان فوضى وعدم خلود
علي القيسي
07-08-2017 12:55 PM
تقرأ في هذا الديوان النابض بكل شيء جميل وأصيل الشعر الحقيقي البعيد عن الادعاء والزيف، قصائد مثخنة بالمشاعر المرهفة والعواطف الصادقة، ماجد النصيرات شاعر مطبوع، رضع الشعر مبكرا ونما وترعرع في ظل القصيدة ونزفها اللذيذ، حتى أمسى يمتلك أدواته الشعرية ويشتغل عليها بحرفية واتقان، شاعر متمكن وغزير وجريء، يعبر عن مخزون عميق يخرج كالماء الزلال، داخله بركان يمور بالألم والاحزان والاشجان، تجده متدفقا دموعا وشعرا وحزنا مكبوتا،،
النصيرات في ديوانه ( فوضى في عدم وخلود) يجول بنا في عوالم بعيدة منها الماضي السحيق والاتكاء على الموروث الديني والتاريخي والحضاري ومنها التحليق في فضاءات غرائيبية يتمنى الثورة على الانماط السلبية ورفض السائد المألوف وهو بذلك يحاكي الشعراء الاحرار الوطنيين عبر التاريخ الانساني الذين تركوا بصمات من ذهب في التراث الانساني كله،
في قصيدة لغة العناصر، ثمة التراب والماء والهواء وهذه العناصر هي من اساسيات الحياة فالحياة لا تستقيم ولا تعاش إلا من خلال هذه العناصر خاصة الماء،
لغة تعانق في السماء نجومها
تحدو لها عيس الفؤاد اغانيا
لغة العناصر والهواء ربيعها
نار وماء والتراب الحانيا
والشاعر النصيرات، يبقى همه الوطن الذي هو مسقط رأسه الاردن فالوطن الاردني هو حياته الذي يستنشق هواه ويعيش على ترابه فهو حبه الازلي وحبله السري الذي يربطه بالحياة،
الجرح جرحي والمصاب مصابي
والأرض أرضي والهضاب هضابي
أهواك حتما والرياح بداخلي
حملت لواقح كي اصير روابي
صور شعرية جميلة وعميقة تجسد حب الشاعر لوطنه،
والشاعر لاينسى العيون الجميلة متغزلا فيها فهي مفتاح القلوب وهوى الافئدة، ففي قصيدة لغة العيون يقول ؛
جف الكلام اذا العيون تكلمت
قد اعجزت كل اللغات والهمت
ويعاتب في قصيدة القتل العمد حبيبته المزعومة يتهمها بالقتل العمد وذلك في رحيلها عنه وتركه للمجهول يواجه صنوف العذاب والهجر والفراق يقول ؛
ستحاسبين بتهمة القتل العمد
يا من حرقت القلب في هجر وصد
انه الموجوع والملتاع بحب من احبها قلبه وعشقتها روحه حتى الثمالة، فهو يتهم حبيبته بالقتل العمد الذي حكمه الاعدام في المحاكم،، فالشاعر فقد الامل بعودة الحبيبة بعد ان هجرته وصدته واضحى بائسا مهموما محزونا يسير تائها في الطرقات وكأنه يذكرنا بمجنون ليلى العامرية وقيس بن الملوح عندما هام على وجهه في الصحراء وجن جنونه وهذا نتيجة الحب وتداعياته،
وفي الختام : الحديث عن ديوان هذا الشاعر نصيرات يطول ، والمقام لا يسمح بقراءة مستفيضة ومعمقة في هذا المكان ،لذا اتمنى للشاعر التوفيق والنجاح في ابداعاته وشعره الرصين الجزيل وأدواته اللغوية والفنية الثرية ، وصوره الشعرية الجميلة، فهذا الديوان يستحق القراءة والاستمتاع بأبياته وقوافيه.