عندما يُقلّب الملقي أحجار الاتحاد العام لنقابات العمال
ماجدة المعايطة
06-08-2017 11:13 AM
وهو يتلقى إشارة توحي بالتمديد على ولاية الحكومة، مرفقة بإيعاز توسيع الجهد وتنوعيه لإعادة ترشيق العمل العام في المجالين الكلي والفرعي (الماكرو والمايكرو)، من أجل معالجة الخلل المتراكم والعجز والتوهان، وبغرض إعادة بناء النخب التي نكصت أو ذابت، فإن رئيس الوزراء أعطى بالمقابل، هذا الأسبوع، تأكيدات على أنه سيستخدم سلطة الولاية العامة لتقليب الحجارة، كل الحجارة، تفعيلاً للنزاهة والكفاءة والتجديد، ولترشيد الإنفاق لتوفير الـ 450 مليوناً التي يطلبها صندوق النقد الدولي.
في التزامه هذا، وفي إيمانه بأن بعض الأمور وصلت إلى الحائط، فإن الدكتور هاني الملقي بما يمتلكه من أطياف خبرة عريضة متنوعة، أتصوره قادراً على إعادة اكتشاف بعض الذي فات على رؤساء الحكومات السابقين.
لا أعرف إن كان الملقي يستطيع أن يتصدى لملف التهرب الضريبي باعتباره منجماً مغلقاً يتردد الكثيرون في الاقتراب منه. لكنني متأكدة أنه سيكشف منجماً آخر مغلقاً بإحكام، لكن يمكن فتحه بسهولة وتنظيفه من كل الذي يختبئ فيه من قوارض وأفاعي ومحنّطات تحللت من زمان واستحق تنظيفها وتوفير الهدر المالي الذي استمرأته طويلاً.
أقصد بذلك تحديداً، موضوع الاتحاد العام لنقابات العمال.
مبرر ابتداء رئيس الوزراء بالاتحاد العام لنقابات العمال هو الدعوة المستهجنة التي طالب بها رئيس الاتحاد لتشغيل العمال الأجانب. وكأنه انتهى من القضية الوطنية الأكثر إلحاحاً وضغطاً على الحكومة، وهي تشغيل البطالة الأردنية المتفاقمة، ولم يبق أمامه سوى أن يكسب الأجر الإنساني ومعه رضا الأوروبيين، بتشغيل المزيد من العمالة الوافدة على حساب الاردنية.
هذه المطالبة من الاتحاد العام لنقابات العمال، فيها من التجاوز النقابي على الاختصاصات، بقدر ما فيها من الإحساس بأن الاتحاد في واد والحكومة والناس في واد آخر. كانت صادمة بكل المعايير فاضطرت الكثيرين ومنهم نقباء ومسؤولين ومحللين كثر، إلى تغميض عيونهم عجباً واستنكاراً.
بعضهم استذكر، يوم أمس، أن في تاريخ الاتحاد العام لنقابات العمال الكثير الكثير من الحجارة التي حان وقت تقليبها. بعضهم توسع في التساؤل عمن يقف وراء تجديد ولاية رئيس الاتحاد لمدة عشرين عاماً متتالية وكأنه "مقطوع وصفه" في ضبط حركة العمال وتبريد مطالبهم عندما تسخن.
بعضهم الآخر من أصحاب النكتة الموجعة، قال أن طيران الملكية اشتكى من كثرة سفريات رئيس الاتحاد إلى جنيف، بدعوى المشاركة الأممية. وبعضهم الآخر من النقابيين تحدث عن هدر مالي كان يفترض أن تطاله إجراءات الترشيد الأخيرة، ولم يفت الوقت على رئيس الحكومة أن ينتبه له.
دعوة الاتحاد العام لنقابات العمال بالضغط على الحكومة لتشغيل العمال الوافدين، كانت صدمة فتحت عيون الكثيرين على أن هناك خللاً (يعطيه البعض أوصافاً أخرى) قديماً متراكماً لم يعد من منطق أو عذر أو مبرر للتواطؤ معه والسكوت عليه.
أكاد أجزم أن الرئيس الملقي وهو يبدأ الآن المرحلة الثانية من عهده الرئاسي المثقل بالملفات الإصلاحية، سيكتشف أن في البلد شيئا اسمه الاتحاد العام لنقابات العمال، له رئاسة كأنها مدى الحياة، وفيه استحقاقات لتقليب الحجارة، بجدّ. وإذ يفعل الرئيس ذلك فإنه سيسمع الثناء والتأييد بأوسع مما يتصوره، حتى وإن كان لا يطلب أو ينتظر ذلك.