تجربة تقييم رؤساء الجامعات .. والاسئلة المشروعة
عادل حواتمة
05-08-2017 09:09 PM
فكرة التقييم بحد ذاتها تُعبر عن مرحلة متقدمة من القياس والتقويم؛ إذا ما تم اعتمادها كعامل حاسم في اعادة توجيه الرئيس، ومن ثم الاستغناء عن خدماته في حالة تكرار تحصيله غير المقبول عنه من عملية التقييم بشكل عام. فاعتماد هذه المرحلة وتجذيرها مؤسسياً للتعرف على كفاءة الرؤساء وقدرتهم على قيادة الجامعات مظهر لافت من مظاهر الانتقال الاكاديمي في الاردن من مرحلة منقوصة يشوبها الخلل، إلى مرحلة متكاملة يتنبه فيها إلى نقاط الوهن والقصور ليتم إعادة تشكيلها بطريقة وقائية وعلاجية بالوقت ذاته.
ولكن كيف يمكن ضمان فعّالية ومصداقية عملية التقييم؛ لّعل تحقيق ذلك يستوجب تشريعا قانونيا للتقييم يضمن مشاركة كل مكونات الجسم الجامعي الطلاب والعاملين من الهيئتين بنسب مختلفة ، كما يجب ان ينص على كيفية التعامل مع مستويات التقييم بشقيها المتدنية والمرتفعة للرؤساء؛ بحيث يرتبط بها عاملا الثواب والعقاب بالمفهوم الاكاديمي لتحقيق الجدية.
وهنا يطل برأسه سؤال مهم يتعلق بكيفية ضمان مصداقية عملية التقييم برمتها؛ مدخلاتها وإجراءاتها ومخرجاتها ؟ كيف يمكن التخلص من خدمة " التوجيه والارشاد" القسرية التي من الممكن ان يمارسها على المقيميين كلاً من المحسوبين على الرئيس والباغضين له؟ ولعّل هذا من شأنه تحويل الجامعة لاحقاً إلى ساحة صراعات خفية اثناء وبعد عملية التقييم، يلحق بها قرارات ظالمة وثأرية من جهة أو منفعية من جهة اخرى.
إن ذلك يتطلب إظهار مدى أهمية فضيلتي التجرد، والنزاهة اللتين يجب أن توجها المؤيدين والمعارضين في عملية مهمة قد تصل إلى مرحلة " تقرير المصير" و بالتالي تأثر السمعة الاكاديمية للجامعات و الرؤساء ايجاباً أو سلباً بنتائج التقييم ؛ إن خلق ثقافة منعزلة عن أي مؤثرات عائلية أو دينية أو فكرية لا شك منهج قويم بحاجة إلى جهد تشاركي من الجميع ابتداءً من مؤسسة الاسرة ومروراً بالمدرسة والاعلام ومؤسسات المجتمع المدني و النظام السياسي وغيرها؛ وذلك لتمكين سيطرة فكرة واحدة على المُقيّم هي أن التقييم يجب أن يكون موضوعياً؛ لضمان عملية التحسين والاصلاح والتي تنعكس على واقع الفرد والجماعة؛ سيما وان الاصلاح الشامل يبدأ هنا في الحواضن التربوية والتعليمية.
ولتأسيس نهج مؤسسي جديد يرسخ مفهوم الحوكمة الرشيدة و يحترم آراء وحقوق متلقيّ الخدمة، نحتاج ايضاً إلى أخذ كافة مراحل ذلك النهج بالطريقة ذاتها القائمة على الشراكة في اتخاذ القرار ؛ ابتداءً من عملية اختيار الرئيس ذاتها بغض النظر عن جنسه لتقرر الجامعة من سيكون رئيسها، لا ان يفرض عليها من الخارج بحسابات غير متوازنة، وخاطئة تدفع الجامعة فالدولة لاحقاً ثمنها باهضاً؛ فهناك شيء من الخصوصية لبعض الجامعات الاردنية والتي انشأت بطبيعة مختلفة وبدعم ملكي كالجامعة الالمانية الاردنية وغيرها مستقبلاً، والتي اشاد بها جلالة الملك في زيارته الاخيرة لألمانيا؛ باعتبارها تجربة رائدة ومميزة، وتجسيد حقيقي للشراكة الالمانية الاردنية مثمناً اهمية الدور الالماني في دعم وتحقيق التنمية الشاملة في الاردن بكل المستويات، وفي التعليم خاصةً.
إن تحقيق الفاعلية والمصداقية يفتح الباب مستقبلاً امام تساؤلات عن جدوى اهمية التعميم الافقي للتجربة؛ لتشمل الوزارات والمؤسسات العامة ؟ واعتبارها مدخلاً هاماً لتفعيل الوظيفة الرقابية لمجلس النواب على تلك المؤسسات، فهل هناك تفكير جدي بذلك؟ أم ان التجربة ستبقى مرتبطة بالتوجهات التنويرية لوزير التعليم العالي الحالي وتقتصر فقط على بيئات ما تشمله صلاحياته وأنها ستعاني من عبثية نسف الخطط، والسياسات العامة التي قد يمارسها البعض كلما حلً ضيفاً على الدوار الرابع؟