يعاني الدكتور صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين والذي يستلم ملف المفاوضات مع إسرائيل منذ أكثر من عشرين عاماً من مرض خطير في الرئة، وحسب المعلومات التي تداولتها بعض الصحف الإسرائيلية يطلق عليه طبياً (التليف الرئوي) وهذا المرض عديم العلاج ولا أمل بالشفاء منه، بل تشير الإحصاءات إلى بقاء المرضى الذين يعانون من هذا المرض على قيد الحياة من 4 إلى 7 سنوات على أكثر تقدير، ولم تحقق محاولات علاج هؤلاء المرضى من خلال عمليات زرع الرئة إلا نجاحاً محدوداً فقط.
وتشير التقارير الصحفية إلى أن الدكتور عريقات بات غير قادر على الحركة النشطة ولا حتى على المشي لمسافات طويلة نسبياً، وهو الذي كان من أكثر المسؤولين الفلسطينيين حركة وسفراً ونشاطاً بحكم موقعه كرئيس لطاقم مفاوضات السلام، ومؤخراً ساءت حالته وأصبح يستعين بجهاز أوكسيجين من أجل التنفس.
يتابع الدكتور عريقات حالته الصحية في المستشفيات الإسرائيلية منذ اكتشاف المرض قبل عام تقريباً، ومؤخراً وبعد انتهاء العلاج الدوائي وتوقف مفعوله الإيجابي، أبلغه الأطباء بأن لا حل إلا القيام بعملية زرع رئتين.
ومنذ أيام بات اسم الدكتور عريقات يظهر في قائمة الانتظار للمرضى الذين هم بحاجة للتبرع برئتين، وهو ما يعني أن المتبرع إن وجد في الأغلب سيكون إسرائيلياً، وبسبب هذا الأمر فقد شن نشطاء اليمين الإسرائيلي حملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعبر المواقع الالكترونية تدعو الإسرائيليين إلى إلغاء بطاقة التبرع بالأعضاء المسماة "أيدي".
وفي صفحة فيس بوك الرسمية الخاصة ببطاقة "إيدي" نُشرت عشرات الإعلانات عن إلغاء البطاقة وأشار كثيرون إلى أنهم قد وقّعوا على البطاقة منذ زمن بعيد وأنهم سيقومون بإلغائها.
ونُشرت رسالة خاصة في إحدى صفحات فيس بوك وصلت إلى صفحة بطاقة التبرع بالأعضاء جاء فيها: "أرغب في إلغاء سريان مفعول توقيعي على البطاقة بعد أن علمت أن الإرهابي صائب عريقات ينتظر التبرع بالأعضاء، أرغب في إنقاذ حياة الآخرين ولكن ليس الإرهابيين، تسرني المصادقة على إلغاء سريان مفعول بطاقة إيدي". وحسب موقع مصدر الإسرائيلي باللغة العربية فقد حظي المنشور بمشاركات كثيرة وفاعلة.
منذ 1977 أي منذ فوز حزب الليكود بزعامة مناحيم بيغن وقتذاك في الانتخابات وتشكيل أول حكومة يمينية في تاريخ إسرائيل والمجتمع الإسرائيلي يذهب نحو اليمين والتطرف للدرجة التي أصبح فيها اليسار الإسرائيلي عديم التأثير على المشهد السياسي، وبات اليمين واليمين المتطرف هو صاحب القول الفصل في كافة الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والثقافية ويمكن القول إن هذا اليمين أنتج في العقد الأخير ثقافة مجتمعية غاية في العنصرية والتطرف ليس ضد الفلسطينيين فحسب بل ضد عرب إسرائيل، وأيضاً داخل المجتمع اليهودي نفسه وتحديداً ضد اليهود من أصول شرقية وعربية ( سفارديم).
رئة عريقات وطبيعة التفاعل العنصري معها من قبل جمهور اليمين تؤكد على أن فكرة السلام في عقل ووجدان هذا الجمهور ليست موجودة أو للدقة لم تعد موجودة وبخاصة في أوساط الشباب الذين تربوا وترعرعوا على ثقافة "الأغيار أو جوييم في اللغة العبرية" وهي الثقافة التي ترفض الآخر وتنتقص من قيمته الإنسانية، وقد انتقلت من الطابع الديني – اليهودي البحت إلى سلوك اجتماعي وثقافي بغلاف ايدولوجي عنصري.
الدكتور عريقات الذي يوصف من قبل أصحاب هذه الثقافة بـ"الإرهابي" هو مفاوض منذ عشرين عاماً من أجل السلام ولا يرى حلاً لقضيته الفلسطينية مع إسرائيل إلا المفاوضات السلمية، وألف كتاباً كرسه لترسيخ فكرة السلام من خلال المفاوضات وأسماه (الحياة مفاوضات) عام 2008، وعريقات لم يحمل السلاح يوماً ولم يتهم بقيامه بأية أعمال عنف باستثناء "جريمة ارتدائه الكوفية الفلسطينية" في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر مدريد للسلام عام 1990 أمام رئيس الوفد الإسرائيلي إسحاق شامير الذي كانت بريطانيا قد صنفته بالإرهابي عند تزعمه عصابة "شترين" عام 1942 .
ومع كل هذا فقد وجد اليمين العنصري الإسرائيلي أن عريقات إرهابي لربما لأنه تحمل عشرين عاماً من المراوغة والكذب والتدليس من قبل ممثلي هذا اليمين وفي مقدمتهم نتانياهو وهو صبر لا يحتمله إلا "الإرهابيون" .
24: