ليس صحيحا أننا نضع الحصان خلف العربة, ولهذا لا تتحرك العربة ولا يتحرك الحصان, والصحيح أننا نضع الحصان فوق العربة او نضع العربة فوق الحصان, ولهذا تظل العربة ويظل الحصان مكانك قف.
أمام المشهد السياسي العربي هذه الايام فيأتي الحديث عن الخلافات السياسية الفلسطينية – الفلسطينية, واعتبارها السبب الاول للمحرقة الصهيونية التي يتعرض لها قطاع غزة وأهل غزة, واطفال غزة وبيوت غزة ومساجد وجامعات ومدارس غزة وحتى اشجارها, بل ونذهب الى ما هو أسوأ عندما نحمل المتطرفين الفلسطينيين – حماس – في مقابل المعتدلين الفلسطينيين (السلطة وفتح) كل ما يتعرض له الفلسطينيون في غزة وكل ما يتعرض له الفلسطينيون في الضفة الغربية, فهؤلاء الصهاينة لم توقف آلتهم الحربية عن القتل والاعتقال والتدمير وبناء الاسوار واقامة الحواجز, فعندما شن العدو حربا مجنونة على جنين, لم تكن هناك صواريخ فلسطينية تطلق في اتجاه المدن الفلسطينية المحتلة, ولم تكن هناك مقاومة تواصل حمل السلاح وتقاتل العدو, ولم تكن هناك اتهامات بالتحالف مع ايران او مع سوريا.
العرب الذين يواصلون الدعوة لمصالحة فلسطينية - فلسطينية يثيرون السخرية والشفقة, ورغم ان الخلافات العربية – العربية اقل حدة من الخلافات الفلسطينية - الفلسطينية, الا ان العرب ينكرون هذه الحقيقة تماما كما ينكر الجمل اعوجاج رقبته, وكما يضعون العربة امام الحصان او فوقه, فانهم لا يتوقفون امام الحقيقة المرة التي تؤكد على ان الخلافات الفلسطينية - الفلسطينية هي الثمرة المحرمة للخلافات العربية - العربية, وعليه فان اية مصالحة بين المعتدلين الفلسطينيين من جهة والمتطرفين الفلسطينيين من الجهة الاخرى لا يمكن ان تقود الى مصالحة عربية – عربية.
من المسائل الطريفة فيما نتحدث عنه ان الخلافات العربية – العربية تضرب في العرب طولا وعرضا وارتفاعا وعمقا, فالمتطرفون العرب منقسمون فيما بين انفسهم فهناك متطرفون بدرجة ممتاز ومتطرفون بدرجة جيد جدا ومتطرفون بدرجة مقبول وكذلك هو الامر فالمعتدلون العرب موزعون بذات الاختلاف والحدة بين معسكر ممتاز ومعسكر جيد جدا, ومعسكر مقبول, والطرفان ليسا مؤهلين للتوسط بين الفلسطينيين ولا مؤهلين حتى لتوجيه النداءات التي تعكس كلماتها خبثا مكشوفا يؤكد ان المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية ليست في صالح المتطرفين او المعتدلين العرب.
هناك مثل شعبي يقول (عليوم قشه تفش بيتها) وهذا المثل ينطبق تماما على واقعنا القومي, وعندما يتصالح العرب فيما بينهم, فانهم يقدمون القدوة الصحيحة لاشقائهم الفلسطينيين, اما والواقع العربي على ما هو عليه من الفرقة والانقسام والتآمر والتحالف فان الفلسطينيين يظلون على خلافاتهم واختلافاتهم, واذا ما ظل هذا الواقع قائما في معالجة الخلافات بالاكتفاء بالدعوة الى انهائها فان النتائج تصب في خانة التبرير لجرائم العدو ضد الفلسطينيين وخاصة امام هذ المحرقة المستمرة في قطاع غزة.
k.mahadin@hotmail.com