يقول رئيس الوزراء الأسبق، طاهر المصري، ان المشروع الإسرائيلي لايقبل قيام دولة فلسطينية، وكلام المصري جاء في ورشة عمل في مركز دراسات الشرق الأوسط.
هذه الخلاصة، وان جاءت على لسان رئيس حكومة سابقة، الا انها ليست جديدة، اذ حذرت تيارات كثيرة، من كلفة الاعتراف بإسرائيل في الأساس والتنازل عن اغلب فلسطين، للاحتلال، عبر اتفاقيات أوسلو، مقابل قيام دولة فلسطينية، لم تقم حتى الان، وعدم قيامها، ليس غريبا ابدا.
عملية السلام حققت عدة غايات لإسرائيل، أولها اعتراف الجانب الفلسطيني الرسمي، بوجود إسرائيل، ومنحه شرعية على اغلب ارض فلسطين، كما ان إسرائيل حققت غاية أخرى مهمة، أي انهاء وجود الثورة الفلسطينية خارج فلسطين، بما يكلف ذلك إسرائيل من كلف للملاحقة والرقابة وغير ذلك، وإعادة كل هذه التنظيمات الى الضفة الغربية وغزة، بحيث تكون تحت العين الإسرائيلية.
يضاف الى ماسبق نجاح إسرائيل في إعادة انتاج دور هذه التنظيمات، في سياقات سياسية وامنية، انتجت دورا جديدا لها، تحت مظلة التنسيق الأمني، ومارأيناه من تطهير للضفة الغربية، على يد السلطة، لاي نشاطات ضد إسرائيل، وتحت اغراءات توليد دولة فلسطينية، اذا اثبت الفلسطينيون حسن سلوكهم.
إسرائيل استفادت الى حد كبير، واستثمرت الوقت، في ابتلاع ارض الضفة الغربية والقدس، وبناء المستوطنات، ولو أجرينا مقارنة فقط، بالنسب والأرقام، بين ماحققته إسرائيل قبيل عملية السلام، وماحققته بعد عملية السلام، لاكتشفنا انها بعد أوسلو حققت ماهو اهم بالنسبة لها، بما يعني ان «السلام» هنا، كان حالة لصالح إسرائيل فقط، وليس لمصلحة الطرف الاخر، فهو العملية التي تمكنها من انجاز مشروعها بسلام.
مانراه اليوم، ان مشروع وجود دولة فلسطينية، انتهى أساسا، بسبب خارطة الضفة الغربية، التي تم تقطيعها، واستحالة إقامة دولة متصلة، وضآلة المساحات المتبقية، إضافة الى تحوصل غزة، وانفصالها الفعلي،بسبب الانقسام الفلسطيني.
هذا يعني ان مجمل العوامل، انهت مشروع الدولة الفلسطينية، سواء العوامل الإسرائيلية او الفلسطينية، او الدولية، ومايتردد عن حسابات إقليمية ودولية، لاتريد أيضا، قيام دولة فلسطينية، لاعتبارات ضيقة، تخص هذه الأطراف، التي لاتريد دولة فلسطينية، تكون مركز جذب سياسي او اقتصادي، للفلسطينيين في العالم، بما يمثله ذلك، من تداعيات على اطراف كثيرة، بمن فيها إسرائيل.
مايراد قوله، ان اكبر خطأ، قد يقع به المحللون، استعراض الأسباب التي لم تؤد الى قيام دولة فلسطينية، حتى اليوم؛ لان في هذا الاستعراض وقوعا في الفخ الإسرائيلي، الذي يريد توزيع الكلفة على كل الأطراف، من اجل ان يخفي الحقيقة الأبرز، أي ان القرار الإسرائيلي، منذ اليوم الأول، كان ضد قيام دولة فلسطينية، ولان القرار كذلك، انتج المسببات والعوامل التي تعرقل الامر برمته.
وقد قيل سابقا، ان الضفة الغربية من ناحية دينية عند اليهود، تعد ارضا مقدسة، يهودا والسامرة، إضافة الى ماتعنيه القدس، وهذا يعني استحالة تسليم هذه المناطق كليا للفلسطينيين لاقامة دولة فلسطينية، في ظل الرؤية الدينية التي قامت عليها إسرائيل، وفي ظل مايعنيه المتدينون واليمين الإسرائيلي، من تأثير على القرار السياسي في إسرائيل، وبما يمنع أي طرف، من تجاوز هذه القوى.
الذين كان لهم بصيرة سياسية، كانوا يدركون منذ لحظات أوسلو الأولى، ان لادولة فلسطينية، وان الطرف المستفيد الوحيد هو إسرائيل، وشرعنة وجودها، من جانب الطرف الواجب عليه نقض وجودها!.
الدستور