لو شكل مجلس النواب الاردني فريق ( مباطحة ) بقيادة النائب خليل عطية أو النائب يحيى السعود وشكل الكنيست الاسرائيلي فريقا مقابلا والتقى الفريقان في الباقورة بإدارة وتحكيم من الامم المتحدة ثم فزنا فوزا ساحقا فلن يغير ذلك من الواقع على الارض شيئا ..
قصة ( المباطحة ) كان يمكن اختصارها بين رئيسي الحكومتين الاردنية والاسرائيلية أو بين رئيسي مجلس النواب الاردني ورئيس الكنيست الاسرائيلي ، فان فاز الملقي أو الطراونة عادت الضفة الغربية الى الاردن وان خسرنا مبروكة عليهم ،، هكذا نختصر سنوات الصراع ونحقن الدماء ونقي المنطقة شر الحروب ونظل اصدقاء الى الابد !! .
تباينت التحليلات وانشغل الرأي العام الشعبي بالقصة بين مؤيد وبين مستغرب مستهزئ وبين معارض ساخط على المستوى الذي وصل اليه الصراع مع العدو ، ولكن أحدا لم يسأل عما اذا كان يتوجب على رئيس مجلس النواب أن يوقف تلك القصة منذ بدايتها ، فالإعلام الخارجي تناول الموضوع على أن ( احد اعضاء مجلس النواب الاردني تحدى ... الخ ) ولو لم تكن للسعود صفة ( نائب ) لما التفت الى الامر أحد ؟؟ ولم يتنبه أحد أن الحادثة غطت على مجزرة تعديلات قانون العقوبات التي اجراها مجلس النواب وغطت على رفض اغلبية النواب التوقيع على مذكرة طرد السفير الاسرائيلي من عمان ، فيما يمكن قوله بأن السعود أنقذ مجلس النواب من براثن الاعلام والسخط الشعبي.
وعلى وجه العموم فان ما فعله السعود تعبير عن عجز الحكومة وضعف المسؤولين الرسميين في مواجهة الاستفزازات الاسرائيلية ولو بالكلام وسكوتهم على الاهانات والتحريض العنصري الذي يوجهه نواب ومتطرفون اسرائيليون وهو امر مخالف لنصوص في معاهدة السلام المبرمة مع اسرائيل .
ان حادثة السعود تعبير وانفعال آني من مواطن اردني عربي ازاء العجز الرسمي العربي عن مواجهة غطرسة العدو واستفزازاته ، وينبغي أن تفهم بهذه الصورة فقد تصرف السعود بمنطق العربي ابن القرية الذي تقهره قلة الحيلة وضعف العشيرة ، ولكنها الفروسية التي عفا عليها الزمن في مواجهة ميكافيلية السياسة والمصالح وغياب رجال الدولة عن مواقع صنع القرار .
لم ينتصر السعود في ( المباطحة ) وانما انتصر في تعرية العجز الرسمي للحكومة وللنظام العربي برمته .