الموت غرقا: مسلسل من نكبات تختطف سنويا عشرات المواطنين
02-08-2017 01:12 PM
عمون- لم يكن الفتى الراحل علي البشتاوي اول من يغرق في قناة الملك عبدالله في الاغوار، ولا يبدو انه سيكون الاخير في مسلسل الموت المتدحرج الذي يختطف سنويا عددا من المواطنين الساعين الى الهرب من حرارة الطقس اللاهبة. فعلي ذي الـ11 عاما، الذي تزحلقت قدمه فهوى في القناة، هو الضحية الخامسة للغرق في القناة منذ مطلع العام، حسب الارقام الرسمية.
وقال محمود البشتاوي والد "علي"، ان طفله ذهب الى القناة ليطفئ حر جسمه نظرا لارتفاع درجات الحرارة، الا ان عدم وجود الاسلاك الشائكة على جوانب القناة ادى الى تزحلق قدميه عن الدرج الحديدي ووقوعه في القناة منهيا حياته في هذه القناة بدل أن يعود الى منزل ذويه.
ويضيف، ان عدم وجود دوريات المراقبة وادوات وسبل الحماية والاشارات التحذيرية، يشكل خطرا على أهالي وابناء المنطقة، اضافة الى عدم وجود غطاس واحد على الأقل من الدفاع المدني، مبينا ان عملية البحث عن ابنه استغرقت اربع ساعات حتى عثر على جثته على بعد خمسة كيلومترات من مكان وقوع الحادثة، الامر الذي يؤكد ضرورة وجود حواجز تمنع الناس من الوصول الى حرم القناة.
ويطالب محمود البشتاوي المعنيين بضرورة وضع حواجز اسمنتية او تركيب شيك على أعلى القناة، وتوفير مسبح خاص لأهالي المنطقة في ظل ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف .
القضاة: قناة الملك عبدالله شريان الحياة للأغوار متصرف لواء الأغوار الشمالية معاوية القضاة يقول إن القناة التي يمتد طولها 110 كيلومترات من منطقة العدسية حتى نهاية الأغوار الوسطى تفتقر لوسائل الحماية جراء الاعتداءات المتكررة من قبل المواطنين على "الشبك"، مبينا أن هذه الاعتداءات تحصل بسبب سرقة المياه لري المزروعات، أو العبث بها بقصد السباحة أو سرقة الشبك لغايات البيع.
ويلفت الى أن هناك اجراءات مشتركة مع الجهات المعنية لاتخاذ التدابير اللازمة للحد من تكرار حوادث الغرق، مشيرا الى اقتراح عدد من الحلول خصوصا في المواقع الخطرة المحاذية للمناطق السكنية والتي تمر منها القناة تتمثل بإقامة انابيب ضخمة عند المساكن وتغطية سطح القناة، وتركيب حواجز اسمنتية على اطرافها، وانشاء مقاطع عرضية تمنع مرور العوالق تسهيلا على رجال الدفاع المدني في حال حوادث الغرق خوفا من سحب الغارق الى اماكن بعيدة كالتي جرت مؤخرا.
وحول البرك الزراعية يبين القضاة انه تم مخاطبة سلطة وادي الاردن بضرورة ايقاف تزويد البرك في المزارع بالمياه لحين تشييكها، مشيرا الى محدودية الحوادث بها كونها مقتصرة على اصحابها والعاملين بها .
سلطة وادي الاردن: حملات توعوية ارشادية للحد من حوادث الغرق أمين عام سلطة وادي الاردن المهندس سعد ابو حمور يقول ان السلطة قامت بعدد من حملات التوعية على امتداد قناة الملك عبدالله، اضافة الى تكثيف فرق الحماية والمراقبين والبالغ عددهم 65 من خلال زيادة عدد الجولات وتركيب 300 اشارة تحذيرية على امتداد القناة، والتنسيق والتعاون مع الحكام الاداريين والامن العام بضرورة عدم السباحة في القناة، مشيرا الى ان هناك دراستين للحد من الحوادث التي تحصل في القناة من خلال تركيب مزدوج للحد من العبث به وعدم سرقته او تخريبه، والثانية من خلال تغطية اجزاء من القناة المحاذية للاماكن السكنية رغم ارتفاع كلفتها .
ويدعو ابو حمور المواطنين والمتنزهين إلى أخذ الحيطة والحذر وعدم الاقتراب من القناة، لاحتواء القناة على ترسبات طينية وغير مهيأة للسباحة، مؤكدا أن اي حادث غرق في القناة لا تتحمل السلطة مسؤوليته.
الدفاع المدني: الوفاة بحوادث الغرق لا تستغرق خمس دقائق ادارة الاعلام والتثقيف الوقائي في المديرية العامة للدفاع المدني تقول ان حوادث الغرق تعتبر من الحوادث الموسمية التي يذهب ضحيتها العديد من الأشخاص لاسيما مع بداية فصل الصيف من كل عام نتيجة بعض السلوكيات والتصرفات غير المسؤولة من قبل البعض أثناء ارتياد التجمعات والمسطحات المائية المختلفة.
واشارت الى ان خطر هذه الحوادث يكمن في أن نتائجها المؤلمة تكون في العادة فورية عندما تتعرض حياة الشخص الغريق للخطر والموت خلال دقائق معدودة لا تتجاوز في أقصى الأحوال خمس دقائق، مبينة انها تعاملت ومنذ بداية هذا العام مع 32 حادث غرق نتج عنها 6 إصابات و 33 وفاة، منها 4 وفيات في قناة الملك عبدالله و 8 في البرك الزراعية.
وتقول الادارة ان دورها في التعامل مع ظاهرة حوادث الغرق يتم من خلال محورين أساسيين اولهما التوعوي التثقيفي عن طريق تنفيذ حملات اعلامية إرشادية تقوم بها إدارة الإعلام والتثقيف الوقائي عن خطورة السباحة في مثل هذه الأماكن وما ينتج عنها من خسائر في الأرواح، من خلال إدامة التواصل مع وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء وإصدار العديد من المطويات والبوسترات والكتيبات التحذيرية بهدف ترسيخ مفهوم الحس الوقائي واتباع السلوك السليم للحد من الحوادث.
ويتمثل المحور الثاني بالعملياتي الميداني حيث يعتبر الإنقاذ المائي من أهم الواجبات المنوطة بجهاز الدفاع المدني من خلال مديرياته ومراكزه بكافة أنحاء المملكة حيث يتواجد فيها كوادر من الغطاسين المؤهلين والمزودين بأحدث معدات الغطس والإنقاذ المائي للتعامل مع الغرق بكافة التجمعات والمسطحات المائية، مشيرة الى ان مدير عام الدفاع المدني اللواء مصطفى عبدربه البزايعه أوعز من خلال زيارته التفقدية مؤخراً لمراكز الدفاع المدني ضمن الشريط الغوري وبخاصة في المنطقة التي تمر من خلالها قناة الملك عبدالله بتعزيز قدرات وإمكانات هذه المراكز بالكوادر البشرية والمعدات الخاصة بالتعامل مع حوادث الغرق .
وبينت ان الدفاع المدني لديه 34 فريق إنقاذ مائيا تتواجد بكافة مواقع المسطحات المائية في المملكة خاصة أيام العطل الرسمية التي يكثر خلالها ارتياد المواطنين والمتنزهين إليها الأمر الذي قد ينتج عنه حالات الغرق، حيث تقوم هذه الفرق بدور إرشادي توعوي في المواقع فضلاً عن التعامل المناسب مع أية حادث.
ودعت الإدارة المواطنين الى ضرورة اتباع كافة الإرشادات والتعليمات الوقائية التي تحد من وقوع حوادث الغرق بالإضافة إلى تجنب السباحة العشوائية في الأماكن غير المخصصة للسباحة كالسدود والبرك الزراعية وقنوات المياه الجارية وغيرها من الأماكن المائية المشابهة، وإغلاق كافة أماكن تخزين المياه داخل المنازل كالآبار والخزانات وعدم تركها مكشوفة ، ومراقبة الأطفال وعدم السماح لهم بالاقتراب المباشرة من التجمعات المائية أو السباحة فيها حفاظاً على حياتهم وعدم القيام بعملية الإنقاذ العشوائي الذي قد يؤدي في أحيان كثيرة إلى تعرض أكثر من شخص لخطر حوادث الغرق.
وأشارت الى ان اسباب حوادث الغرق تتمثل بقيام بعض الأشخاص بممارسة رياضة السباحة في الأماكن الممنوعة والتجمعات المائية التي لا تصلح أساساً لممارسة هذه الرياضة وتحتاج إلى مهارات خاصة، ولجوء البعض لصيد السمك في بعض السدود والبرك المائية دون اتخاذ الإجراءات والمتطلبات الوقائية التي تضمن سلامتهم علماً أن هناك إشارات تحذيرية تمنع ذلك، الى جانب الإنقاذ العشوائي الخاطئ أو الاندفاع العاطفي في محاولة إنقاذ الغريق وانتشاله من هذه المواقع ما يضاعف عدد الوفيات في الحادث .
ومن الاسباب ايضا اقتراب الأطفال بشكل مباشر من مناطق التجمعات والمسطحات المائية خلال الرحلات العائلية لتلك المناطق بعيداً عن مراقبة الأهل، والسباحة في البرك الزراعية المكشوفة ذات الأرضية والحواف المغطاة بمادة بلاستكية والتي تشكل مصائد للأشخاص الذين يستخدمونها، أو في حال المغامرة بممارسة السباحة فيها، مشيرة ايضا الى التجمعات المائية التي تتشكل في الحفر الإنشائية خاصة خلال فصل الشتاء ما يجعلها سببا مباشرا لحوادث الغرق، وكذلك السباحة في المناطق الخطرة، مثل مجرى سيل المياه الساخنة في المنطقة التي تصب في البحر الميت والممتدة من منطقة ماعين الى البحر بمسافة عشرة كيلومترات تقريباً وما يتخللها من برك وتجمعات مائية خطرة، خاصة ما يعرف بـ (بركة زرقاء ماعين ) والتي شهدت خلال الشهرين الماضيين عددا من حوادث الغرق التي راح ضحيتها خمسة مواطنين.
بترا