facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




أسباب الغلطة الكبرى


م. أشرف غسان مقطش
02-08-2017 10:38 AM

اعترف صدام حسين اعترافا غير مباشر بأن قراره بـ (احتلال/دخول) الكويت في الثاني من آب عام 1990، كان قرارا خاطئا.

يُسْتٓنتجُ ذلك مما ذكره المحامي خليل الدليمي على لسان صدام حسين في كتابه "صدام حسين من الزنزانة الأميركية: هذا ما حدث!"، الطبعة الأولى، ص114، حيث أن صدام حسين قال له: "وكان من المفروض أن نتعامل مع الكويت بطريقة أخرى".

لا ريب أن هناك أسباب وبواعث ودوافع وذرائع كانت وراء هده الغلطة الكبرى في حياة صدام حسين السياسية.

أولى هذه الأسباب أن صدام حسين اعتبر أن الكويت كانت تشن حربا اقتصادية على العراق، وذلك بتصدير كميات من النفط أكثر مما هو مقرر لها حسب قرارات منظمة أوبك، مما أدى إلى ارتفاع المعروض من النفط في السوق مقابل انخفاض الطلب عليه نسبيا، وبالتالي انخفاض أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة.

ويبين "الفيديو" الموجود في "اليوتيوب" والمعنون بـ "صدام يتحدث عن سبب "احتلال" الكويت في مؤتمر القمة العربي" كيف أن صدام حسين تحدث عن هذا السبب علانية في ختام مؤتمر القمة العربية الاستثنائي في بغداد في الثلاثين من أيار عام 1990، قائلا: "منذ عام 1986 ... ساد السوق النفطي نوع من الارباك وحصل فيه نوع من عدم الالتزام بقرارات الأوبك، وهذا الارتباك سببه عدم التزام بعض أشقائنا العرب بالذات في مقررات الأوبك مما أغرق السوق النفطي بما هو فائض عن الحاجة ... وتدنت الأسعار حتى وصلت أحيانا إلى 7 دولارات للبرميل ... فأقول للذين لا يقصدون شن الحرب على العراق: ترى هذا نوع من الحرب على العراق".

يذكر محمد حسنين هيكل في كتابه "حرب الخليج: أوهام القوة والنصر"، ص255: "وكان ما قاله الشيخ علي خليفة الصباح وزير البترول الكويتي: إن الكويت لا تنوي الالتزام بحصتها المقررة وهي 1037000 برميل في اليوم، وأنها سوف تصر على حصة مقدارها 1350000 برميل في اليوم. وعلقت صحيفة وول ستريت جورنال من جانبها قائلة: إنه في الوقت الحالي تنتج الكويت 1700000 برميلا في اليوم".

ثاني هذه الأسباب أن صدام حسين اعتقد أن الكويت كانت تسرق النفط العراقي بطريقة غير مشروعة. وقد أشار صدام حسين إلى هذا السبب خلال حديثه مع محاميه، كما هو مبين في كتاب الدليمي ص109.

وأما الباعث الذي حمل صدام حسين على (احتلال/دخول) الكويت فكان "الضوء الأخضر" الذي خيل إلى صدام حسين أنه يومض له من الإشارة الضوئية الأميركية لـ (احتلال/دخول) الكويت، وذلك أثناء توقفه عند تقاطع كلمات آبريل غلاسبي السفيرة الأميركية لدى بغداد وهو يصغي إليها حين استدعاها لمقابلته في الخامس والعشرين من تموز عام 1990.

وأما الدافع الدي دفع صدام حسين إلى (احتلال/دخول) الكويت فهو الشرف.

وقد أسهب صدام حسين في الحديث مع محاميه عن هذا الدافع، إذ يقول كما ورد في كتاب الدليمي ص110: "إن موضوع الشرف بالنسبة لنا هو خط أحمر، وإن الذي أثارنا وآذانا وكان السبب في إسراعنا باتخاذ قرار "دخول" الكويت، هي تلك الكلمات المهينة لشرف المرأة العراقية، فقد كنا نسمع كلاما جارحا من المسؤولين الكويتيين تجاه حرائر العراق وماجداته، وهو كلام مخالف لقيمنا العربية الأصيلة".

يقول محمد حسنين هيكل في كتابه نفسه ص310: "ثم راح الرئيس صدام حسين يشكو للملك فهد من أن الكويتيين يضاربون على الدينار العراقي لخفض سعره، ويشترون كل التحف والنفائس من أسواق بغداد بطريقة مستفزة ومهينة حتى أنهم يحاولون إفساد ماجدات العراق، وأنه سمع عن مشاجرة في ناد ليلي شارك فيها دبلوماسي كويتي قائلا بصوت عال أثناءها: إنه سوف يجيء يوم يستطيع أن يحصل على أي واحدة منهن بعشرة دنانير".

ومن الأهمية هنا التوضيح بأن لكل من كلمتي "باعث" و"حافز" معنى اصطلاحي في علم النفس.

ف"باعث" تعني في علم النفس استنادا لمعجم المعاني: ما يحمل على الفعل من عقل فهو شعوري، بينما تعني كلمة "دافع": ما يحمل على الفعل من غرائز وميول فهو وجداني ولا شعوري.

وما قصدته آنفا أن صدام حسين عندما "أسرع في اتخاذ القرار" كان حينها مسيرا باللاشعور الكامن في أغوار عقله الباطن لا مخيرا بالشعور النابع من عقله الظاهري.

وأما الذريعة التي تذرع بها صدام حسين لقيامه بهذا العمل، وذلك بعدما أعلن أن الكويت محافظة تاسعة عشرة؛ فهي أن الكويت عراقية.

بقي أن نقف قليلا عند نقطة بالغة الأهمية كان قد أشار إليها طارق عزيز في حديثه مع علي الدباغ.

إذ يذكر ابو زياد أكثر من مرة وكما يبين "الفيديو" الموجود في "اليوتيوب" بعنوان "مقابلة طارق عزيز مع علي الدباغ" أن صدام حسين كان مريضا نفسيا عندما اتخذ قراره في هذا الشأن.

لا أستطيع قبول أو رفض ما ذكره طارق عزيز في هذا الشأن، لأن ذلك مرهون بوجود تقارير طبية رسمية أو عدم وجودها. فإن كانت موجودة وتقر بما ذهب إليه أبو زياد فإنني سأضيف هذه النقطة الى جملة الاسباب والدوافع والحوافز والذرائع التي كانت وراء (احتلال/دخول) صدام حسين للكويت، وما عدا ذلك، فإنني أستبعدها.

ولا بد لي في الختام من التوضيح هنا لماذا استخدمت كلمتي (احتلال/دخول) لأعبر فيهما معا في آن واحد عن رأيي بما قام به صدام حسين.

ذلك لأنني إن اخترت كلمة "دخول" فقد يفهم البعض أنني أؤيد صدام حسين فيما فعله، وإن انتقيت كلمة "احتلال" أو ما يرادفها في المعنى من كلمات أخرى مثل" اجتياح"، و"غزو"، و "اغتصاب" فقد يفهم البعض أنني أعارض صدام حسين، وفي الحقيقة –وأعوذ بالله من الحقيقة- أنني لست بمؤيد ولا بمعارض، لأن مهمتي ككاتب -يحاول أن يكون موضوعيا ومحايدا- تقتضي مني الوقوف على مسافة واحدة من كل الأطراف في أية قضية يختلفون عليها.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :