308 …هل علينا ان نرتاح ام نقلق؟
المهندس موسى عوني الساكت
02-08-2017 10:26 AM
يحار المرء من أمر المادة ٣٠٨ في قانون العقوبات. تسمع للمختصين الرافضين لبقائها فتقول إنهم يمتلكون وجاهة في الطرح. ثم تسمع للمختصين على الضفة الأخرى الداعين للإبقاء عليها فتهزّ رأسك أن لديهم ما يقولونه.
من الصعب على فطرة الانسان السوي الموافقة على تزويج الجاني للضحية، فقط لأن الجريمة وقعت. لكن ليست هذه كل الحكاية، وهنا ندخل في التفاصيل، وليس كل التفاصيل شيطنة.
مجددا، إن التدبر بهدوء في حيثيات ما يعرضه الرافضون لبقاء المادة يدفعنا إلى تشكيل قناعة راسخة أن الشر يقف على أبوابها، لكن سرعان ما ستهتزّ هذه القناعة لدى عرض وجهة النظر الأخرى.
وجاهة ذات شأن تلك التي يقول فيها تيار واسع من الناس أننا نرتكب خطئة مركبّة يوم نوافق على تزويج الضحية بالمجرم. لكن مجددا من قال إن الحكاية تتوقف عند هذا المشهد فقط.
نحن هنا نتحدث عن حيثيات وتفاصيل وقصص يشترك فيها كل من الضحية والجاني في ارتكاب الجُرم. هنا ما الحل؟ ماذا لو كان التواطؤ من قبل طرفي الجريمة على ارتكابها؟ هل نترك لقانون العقوبات على حاله هذه التي انتهى اليها في معالجة الجريمة؟
للوزيرة السابقة ريم ابو حسان كل الحق وهي تقول: قلنا لكم عدّلوا المادة، لا أن تقومون بإلغائها كلها.
الحق، أن الغاء المادة ترك فراغا خطيرا سيعاني منه المجتمع الأردني، في حال اكتفى المشرّع بإلغاء المادة فقط.
هنا، المطلوب اجتماع كل من ركن الرافضين والمؤيدين لصياغة تشريع يضمن ايقاع العقوبة على الجاني، وإنصاف الضحية.
صحيح أن إلغاء المادة عمل على ضمان ايقاع العقوبة على الجاني، لكنه ترك أمر الضحية وشأنها. ومن هنا تكمن خطورة الغاء المادة.
لا نريد أن نحقق آية: (ولا تقربوا الصلاة). والمطلوب اكمالها لضمان اكتمال المعنى. وما يعنيه كل ذلك هي انه لا معنى لإلغاء المادة من دون معالجة الثغرات التي سيفرزها الإلغاء.
نعم. لقد جرى ماء كثير في المجتمع الأردني، منذ أن أقر القانون قبل عقود طويلة. القانون الذي تعود جذوره الى الأصل الفرنسي. لكن هذا لا يلغي أن اعراف المجتمع تكيفت معه.
ما زلنا نتيه في السياقات الوضعية للقانون. لكن الاخطر من كل ذلك هو اكتشافنا اللاحق ان الالغاء من دون التعديل المنسجم مع المجتمع الاردني سيفرز مشاكل جديدة، سيكون على المشّرع مجددا التعامل معها يوم تنفجر في وجه المجتمع.