استهداف النظام العربي .. مصر الشقيقة نموذجاً
شحاده أبو بقر
03-01-2009 02:52 PM
لا نخال عربياً ولا مسلماً ولا متصفاً بصفات الانسانية على هذا الكوكب يمكن ان لا يتعاطف مع المحاصرين تحت العدوان في قطاع غزة ، وهذا النهوض الشعبي والرسمي الممتد من المحيط الى الخليج وحتى خارج حدود العرب والمسلمين.. انما هو الدليل الساطع على رفض العدوان ونصرة المظلومين.. الا ان اللافت للانتباه وسط الحدث وتبعاته وافرازاته هو تلك الهجمة المنظمة على النظام الرسمي العربي برمته وبالذات في دول الطوق العربي وتحديداً مصر الشقيقة بصفتها الدولة العربية الاكبر،
هذه الهجمة التي كانت قد تجلت كذلك في حرب اسرائيل الأخيرة على لبنان تعود اليوم من جديد وبصورة تعمل فيها ادوات اعلامية وسياسية غير عربية على تسخير الانسان. العربي في ايقاع اللوم ازاء ما يجري في غزة على الانظمة الرسمية العربية ، وبالذات في مصر الشقيقة ، وتتمادى الحملة الموجهة بسطوة بعض الفضائيات وبصورة منهجية تبدو معها موقف حق يراد به باطل واضح ، فالهدف المعلن لها هو نصرة غزة والدفاع عن المحاصرين فيها ، فيما الهدف الحقيقي «والله أعلم» هو تأليب الشعوب العربية على قياداتها الرسمية وأنظمتها الحاكمة ، ولقد نجحت الحملة في ذلك الى حد بعيد واستطاعت استغلال المشاعر المتأججة للانسان العربي في توجيه اللوم للقادة العرب والحكومات العربية كما لو كانوا هم الذين يشنون العدوان والحصار على قطاع غزة،،
هذا استهداف شرير له اهداف ابعد من غزة وحرب اسرائيل الشريرة ضدها ، وهو استهداف يصطاد في المياه العكرة ويستغل معاناة الشعوب العربية والشعب الفلسطيني بالذات «باعتبار ان هناك قضية» ، لضرب النظام السياسي العربي وايصاله لا قدر الله الى مرحلة الانهيار ان لم يتنبه العرب جيداً الى هذا الخطر الداهم بأدوات اعلامية سياسية عربية وغير عربية ، الاولى تعمل بلا وعي او ادراك لحقيقة الاستهداف عندما تفتح منابرها لمن هب ودب لشتم القادة والتمادي على النظام السياسي العربي ، والثانية تنفذ خطة ممنهجة ماكرة ذات هدف شرير غايته «انهيار النظام السياسي العربي بمجمله» وهو ما كان قد حذر منه وبقوة ابان الحرب العراقية الايرانية في الثمانينات ، الراحل الكبير الملك الحسين رحمه الله،،
مشكلة هذا الاستهداف انه يلبس لبوس الدين وانه يدعو لا بل ويمارس الانتصار لأهلنا في غزة ، ونحن لذلك نتردد في انتقاده وتحليل غاياته كي لا نوصف فوراً بأننا ضد نصرة الأهل في غزة او حتى ربما قال اصحاب الرؤوس الحامية جداً اننا نؤيد العدوان على غزة،
بصراحة نحن نتعاطف مع حركة حماس لأننا مسكونون بالانتصار الوطني والقومي للاشقاء الفلسطينيين في محنتهم ، لكننا لا نقبل ولا نبارك ذلك الاستهداف الذي يمزق الشعب الفلسطيني نفسه ويكرس الفتنة بين صفوفه هذا من جهة ، ثم هو يفعل فعله الماكر في تشويه صورة النظام السياسي الرسمي العربي من جهة ثانية ، ويسعى جاهداً لوصمه بالفشل لا بل وحتى وبالتواطؤ مع الغزاة والمحتلين ، وفي ذلك ظلم وافتراء يجب ان نستنكره ونؤكد انه ظلم وادعاء لا اساس له من الصحة ، خاصة عندما يحاول هذا الاستهداف التنكر للتضحيات الجسام التي قدمها العرب وبالذات في مصر الشقيقة اكبر دولة عربية من اجل القضية ، واظهار آخرين لم يقدموا للقضية شيئاً سوى ركوب موجتها لتحقيق مآربهم الخاصة.. كما لو كانوا هم المنقذون لفلسطين ولشعبها ، وذلك على الرغم من ان غاياتهم الخاصة هي بالضرورة اسقاط النظام الرسمي العربي لمصلحة مشروعهم السياسي الكبير للسيطرة على المنطقة برمتها،
مصر اليوم لا بواكي لها وسط الزحام وسيل الانتهاكات الظالمة والافتراءات التي لا تتقي الله ابداً ، وهذا ما يجب ان لا يقربه عاقل ، فهذا البلد العربي الاصيل ذو الحضارة والتاريخ والانجاز والتضحيات والشهداء ، هو البلد الذي وجب انصافه ورفض ان يتطاول عليه احد عربياً كان ام غير ذلك ، لأن العاقبة للمتقين.. وكما ضحى الاردن وقدم من الشهداء والتضحيات وما زال ما لا يستطيع احد انكاره ، فقد قدمت مصر من الشهداء والتضحيات الجسام ما لا يملك جاهد انكاره او التنكر له على الاطلاق.
نتمنى ان يبادر القادة العرب للامساك بزمام الامور لا ان يتركوها بأيدي آخرين يبحثون عن اهدافهم وسبل تنفيذ مشروعاتهم السياسية التي تخدم اغراضهم وشعوبهم على حساب مصالح الشعوب العربية كافة ، فلا بد من ان يدرك كل مواطن عربي وبالدليل القاطع ان هناك من يستغل العدوان على أهلنا في غزة الباسلة لتمرير مخططاته ومشروعاته باسم الانتصار لغزة والدفاع عنها وعلى نحو «ذكي» يصعب على الواعين حتى التأشير الى حقيقة اهدافه مخافة ان يوصفوا بالمتخاذلين عن الانتصار لأهلنا في غزة او الصامتين عن العدوان الهمجي الاسرائيلي او لربما وصفوا بالداعمين للعدوان ولا حول ولا قوة الا بالله،
مطلوب من القادة العرب أخذ زمام الامور بأيديهم وارغام اسرائيل على وقف العدوان ودفع الاشقاء الفلسطينيين نحو توحيد صفهم واستراتيجيتهم ازاء قضيتهم ، وعدم ترك الابواب مفتوحة لتدخلات غير عربية ظاهرها حق وباطنها غير ذلك ، ومطلوب من القادة العرب الدفاع وبوضوح عن النظام الرسمي العربي وعدم السماح للآخرين بدفع الانسان العربي الى حافة اليأس وفقد الثقة وبالكامل بالنظام العربي وبالتالي الترحيب بأي نظام سياسي آخر والقبول به باعتباره سيكون المحرر لارادة الامة ولمقدساتها ولحقوقها.. على نحو ما يعتقد اصحاب المشروع الخطير الجديد في المنطقة ومطلوب من اولئك الذين يستمرئون شتم القادة والتطاول على مصر الشقيقة بالذات ان يتقوا الله اولا ، وان يخجلوا من شهداء مصر البررة ومعاناة وتضحيات مصر التي لم ولن ترقى لمستواها تضحيات من اجل العرب وقضايا العرب وبالذات قضية فلسطين،،