الأسرى الفلسطينيون وملف " شاليط "
راسم عبيدات / القدس
14-04-2007 03:00 AM
...... منذ عملية أسر الجندي الإسرائيلي " جلعاد شاليط " ، في الصيف الفائت ، وحتى
اللحظة الرهنة ، والساحة الفلسطينية ، حبلى بالتطورات على هذا الصعيد ، حيث تتضارب
وتتعدد الأنباء ، الأراء ، التسريبات ، البيانات ، التصريحات والتكهنات حول صفقة تبادل
الأسرى المحتملة ، وفي هذا الإطار والسياق ، دار ويدور حديث عن مواعيد لإتمام الصفقة ،
ومراحل زمنية لتنفيذها ، وقوائم أسماء سيتم إطلاق سراحها ، وأعداد ومدد أحكام ، وسنوات
قضيت في السجون ، ودول وأفراد وسطاء في هذا الملف ..... الخ ، كل هذه الأمور يمكن أن نستوعبها ونتفهما في إطار الحرب الأعلامية والإشاعات والتكهنات والمحافظة على سريةالمعلومات ، رغم ما يتركه ذلك من آثار سلبية مدمرة نفسيا ومعنويا على الأسرى وعائلاتهم
، لكونهم معنيين مباشرة بهذا الملف ، ولذلك فهم يوصلون الليل بالنهار ، متابعة لكل
التطورات في هذا الملف ، ولا يتركون أية شاردة أو واردة لها علاقة بهذا الموضوع
يشبعونها بحثا وتمحيصا ، وفي ظل غياب المعلومة الأكيدة أو الواضحة ، فإن الأسرى وهذا
ما لمسته وشاركت به أثناء وجودي في المعتقل خلال الأشهر الأربعة الأولى لأسر " شاليط "
أي خبر يرد حول هذا الموضوع ، فإنهم يتناولونه ويتداولونه ويعلقون عليه من كل الجوانب
والزوايا ، ويرسمون له سيناريوهات محتملة ، وكذلك حال الأهالي ، والذين كما يقول
المأثور الشعبي " الغرقان بتعلق بقشة " ، فهم يبنون ويعلقون آمالهم على قضية الجندي
الإسرائيلي " جلعاد شاليط " ، لأنهم يعرفون جيدا العقلية والذهنية الإسرائيلية ، والتي
لا يمكن أن تفرج عن أبنائهم في إطار حسن النوايا وخلق الثقة وغيرها ، فهم خبروا ذلك
جيدا ، وبفترة ليست بعيدة حيث أثناء قمة عباس - " أولمرت " قبيل عيد الأضحى ، وعد
بإطلاق سراح عدد محدود جدا من الأسرى الفلسطينيون ، والرقم لا يتجاوز الثلاثين أسيرا
ومن أصحاب الأحكام الخفيفة ، ولكنه عاد وتراجع عن ذلك ، بحجة أن الظروف الأمنية
والسياسية ، لا تسمح ، ومقابل إطلاق سراحهم ، فإنه على الشعب الفلسطيني وقيادته ، أن
يقدموا ويدفعوا ثمنا ، وبالتالي فإن الأسرى والذين ، يجري توصيفهم وفق الرؤيا
الإسرائيلية ، بأن أيديهم " ملطخة بالدماء " ، لا يمكن أن يفرج عنهم أو يطلق سراحهم ،
إستنادا لحسن نوايا أو وعود زائفة من هذا الطرف أو ذاك ، فالأسير " أبو هدان " قضى
عشرون عاما في المعتقل ، وأصيب بالسرطان ، لم يفرج عنه ، بل إستشهد في المعتقل ، مكبلا
بالأصفاد في مستشفى سجن الرملة ، وإدارة السجن رفضت أن تفك قيوده وهو في الرمق الأخير ،
وهذا رسالة إسرائيلية واضحة ، لكل الذين يراهنون على الأوهام أو يبيعون شعبنا سرابا
وحسن نوايا ، وبالعودة إلى ما يجري على الساحة الفلسطينية فيما يتعلق بموضوع الأسير
الإسرائيلي " جلعاد شاليط " ، فإن الأمور في غاية الخطورة وإنعدام المسؤولية ، فالكل
يغني على ليلاه ، فلا مرجعيات أو عناوين واضحة في هذا المجال ، والكل يدلي بدوله ،
وتشعر أن الأمور " طاسه وضايعه" ، الذي له علاقه والذي ليس له علاقه ، يصرح ويسرب
معلومات وأخبار ، فالرئيس يقول كذا ، والحكومة تقول كذا ، والفصائل تقول كذا ، والأجنحة
العسكرية للفصائل تقول كذا ، ومؤسسات الأسرى تقول كذا ، حتى أني قرأت تصريحا لمقرر لجنة
الأسرى في المجلس التشريعي ، يقول فيه أن الصفقة ، تشمل عودة مبعدي الكنيسة ، والأسرى
وذويهم والمعنيون مباشرة بهذا الملف ، تائهون وحائرون ، ولا يعرفون لهم عنوان أو مرجعية
في هذا الجانب ، ويبدوا أن الفلتان الأمني والتجاذبات والتسابق على " الهوبرات "
الأعلامية والقنوات الفضائية ، تؤثر على هذا الجانب سلبا ، وبالتالي ولكون هذا الموضوع
في غاية الأهمية ، ويمس أحد أهم القضايا عند شعبنا الفلسطيني ، فإنه من الهام جدا وضع
هذا الملف عند جهة معينة وحصر الموضوع بها ، على أن تقوم هذه الجهة بوضع الأهالي
والأسرى في صورة تطورات هذا الموضوع ، وهذا الموضوع لا يخص هذا الفصيل أو ذاك ، بل يخص
كل أبناء الشعب الفلسطيني ، ولا يجوز التعامل معه في الإطار الفئوي ، ولذلك يجب أن تكون
هناك غرفة عمليات قيادية علنيه تضم كل ألوان الطيف السياسي لمتابعة كل ما يتعلق بهذا
الملف ، وتكلف جهة أو طاقم محدد للأدلاء والتصريح لوسائل الإعلام ، حول التطورات في هذا
الملف ، وخصوصا أهالي الأسرى ، والذين يجب أن لا يتركوا لحالة التكهنات وحالة "
والتوهان " ، وهل هذا المصدر مخول أو غير مخول بالتصريح ؟ ، وهل يمتلك معلومات أو مجرد
أنه يريد أن يصرح ويظهر على وسائل الإعلام ؟ ، وكذلك فهذه الجهة أو اللجنة القيادية
العليا ، تكون هي الجهة الوحيدة المخولة ، بالتصديق على الصفقة ، وشروط إجرائها ، عدد
الأسرى الذين يجب يطلق سراحهم ، مدد أحكامهم ، السنوات التي قضوها في الأسر ، حالات
مرضيه ، أطفال ، نساء ، شامله لأسرى من مناطق عام 1948 ، أسرى من القدس ، هذه المناطق
الذي يرفض الإحتلال إطلاق سراح أسرى منهم ، والذي يعتبر ، أنهم إسرائيلين ، وهنا وفي
هذا البند تحديدا ، فإنه يجب الإصرار على أن تشمل صفقة تبادل الأسرى ، أسرى من القدس ،
ومناطق الثمانية وأربعين ، وذلك لكسر المعايير والشروط الإسرائيلية أولا ، ولطمئنة
الأسرى وذويهم بأنهم جزء أصيل من هذا الشعب ، وبأن نضالاتهم لم تذهب هدرا ، وكذلك إيجاد
حاله من الثقة والمصداقية عند أهاليهم والذين يشعرون بأن السلطة والفصائل الفلسطينية ،
لا تبدي إهتماما كافيا بقضية أبنائهم ، لا على صعيد الرعاية ، ولا على صعيد الإصرار
والعمل على أن ، يكونوا جزءا من أية عملية تبادل ، أو إطلاق سراح في إطار المفاوضات
الجارية ، وهذا يعكس نفسه سلبا على المشاركة في العمل الوطني ، ومن هنا فالواجب يقتضي
منا جميعا ، وفي ذكرى يوم الأسير ، أن نجعل قضية أسرانا البواسل ، قضية كل بيت وأسرة
فلسطينية ، والعمل على إثارة قضيتهم أمام كل المحافل والهيئات والمؤسسات العربية
والدولية ، وأن نشن حملة تحريض واسعة ، وعلى كل الصعد والمستويات ، نشرح فيها معانياتهم
وظروف إعنقالهم الصعبة واللاأنسانية في السجون والمعتقلات الإسرائيلية ، وكذلك علينا أن
نترك أية وسيلة أو أسلوب أو طريقة تمكننا من إطلاق سراحهم ، لأنهم هم حملة الراية ،
وحماة المشروع الوطني ، وبالتالي لا يجوز بالمطلق تركهم لحسن النوايا الإسرائيلية ،
فإسرائيل هناك العشرات من الأسرى الفلسطينيين والذين قضوا فترات تزيد عشرين عاما في
المعتقل ، لم تطلق سراح أي منهم ، وبالتالي ، فإن الفرصة والأمل الوحيد لهم للخروج من
السجن ، هو عملية تبادل أسرى ، وبغض النظر عمن يرعاها وينفذها ، وهم في صفقة " شاليط "
، المتوقعة يجب أن يكونوا على رأس قائمة المفرج عنهم .
البريد الالكتروني
rasim@shepherdsfieldymca.org