الوضع شائك؛ الأمهات حائرات والآباء محبطون، وأبواب الأمل مغلقة، وحتى الحكومات توصد الأبواب التي يفتحها الشباب اعتمادا على أنفسهم بدلا من الوقوف في طوابير العاطلين عن العمل.
آخر تلك القنوات كانت التفكير بالعمل كسائقين على خدمات أوبر وكريم، بدلا من انتظار قوائم ديوان الخدمة المدنية، في ظل محدودية الفرص التي تتوفر مقارنة بحاجة السوق.
الحكومة وبدلا من دعم الشباب في هذا الجانب الذي يريحها ولو مؤقتا من عبء بعضهم وحمايتهم من ضيق الحال والمزاج السيئ، تجدها تمنع العمل في هذا الباب، على اعتبار أن ذلك مخالفة قانونية، وبالفعل تبدأ بمحاصرتهم، وتتربص بهم وتستدرجهم لتحجز سياراتهم.
اليوم تقف الحكومات عاجزة عن تشغيل الشباب، ولم يعد ترفا القول إن تخفيض نسب البطالة معتمد بشكل رئيس على القطاع الخاص، خصوصا أن الجميع يعترف بذلك وبالإجماع، وأن القطاع العام المثقل بحمولات زائدة لم يعد قادرا على توفير فرص عمل إلا في قطاعات محددة.
هنا يتضح المأزق الحقيقي، فلا القطاع العام قادر على الاستمرار بتشغيل الناس كيفما اتفق، ولا القطاع الخاص ينمو للدرجة التي تؤهله استيعاب الباحثين عن فرص عمل، وهم كثر، نتيجة محدودية النشاط الاقتصادي وتواضع معدلات النمو التي تعني حكما عدم وجود مشاريع جديدة تستوعب طوابير العاطلين عن العمل التي تطول يوما بعد يوم.
بالأرقام؛ ما يزال القطاع الخاص يعاني ضعفاً في توليد فرص عمل جديدة، وعددها يقارب تلك الفرص التي يستحدثها القطاع الحكومي، إذ بلغ مجموع الوظائف المستحدثة في القطاع الخاص المنظم 16.4 ألف فرصة مقابل 14.4 ألف فرصة استحدثها القطاع الحكومي.
المسوحات الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة تقول إن فرص العمل المستحدثة خلال النصف الثاني من العام (2015) بلغت (31) ألف فرصة عمل، منها 28 ألف فرصة عمل للأردنيين، وبنسبة 89.6 %، ما يعني أن غير الأردنيين من عمالة وافدة ولاجئين سوريين ما يزالون يشاركون الأردنيين بالوظائف الجديدة، وليس في ذلك عيب اللهم أن المتوفر لا يكفي الأردنيين ولا يخفف من بطالتهم التي ارتفعت خلال الفترة الماضية لحدود خطيرة.
تختصر الحكومات الحديث عن مشكلة البطالة، رغم أنها تكبر وانعكاساتها تزيد، خصوصا لدى الشباب، وإغلاق الأبواب في وجوههم إنما يدل على قصر نظر لدى من قرر التضييق على شباب حاول " تدبير نفسه"، فإن كنتم غير قادرين على خلق البدائل للباحثين عن فرص عمل فلا تغلقوها في وجوههم حتى لا نخسرهم، خصوصا مع ما يحدث الآن من مخالفة السائقين وحجز رخصهم ومركباتهم وكأنهم مذنبون، مع أن ذنبهم الوحيد هو أنهم خَلقوا لأنفسهم مصدرا للدخل يقيهم من أوجاع البطالة.
العمل بتطبيقات النقل بالتأكيد ليس حلا للبطالة، وهو لدى البعض ليس إلا إبرا مسكنة تخفف عنهم بعض أوجاع البطالة، أما الحل الشامل فإنه النمو الاقتصادي وتوسيع قاعدة الاقتصاد بزيادة الاستثمار، مع أننا لا ندري متى سيتحقق ذلك في ظل المشهد المحلي والإقليمي.
ولكن، وطالما أن الحكومة عاجزة عن خلق فرص عمل تكفي الأردنيين وغيرهم ممن يقيمون على أرضها، فعليها أن لا تغلق الأبواب حتى لا تضاعف من إحباطهم، وتعمق من شعورهم بفقدان الأمل.