القيادة الفكرية والسياسية لجلالة الملك
الدكتور مفلح الزيدانين
31-07-2017 02:56 PM
إن إحياء أدوار القيادات الفكرية ضرورة للنهوض بالمجتمعات، ولا بد من اسناد مشكلات المجتمع إلى هذه القيادات، لوضع الحلول وايجاد التطوير بواسطة أدواتها ووسائلها، لنهوض المجتمعات في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية والعلمية وغيرها. لذلك القيادة السياسية تحتاج إلى مشاركة القيادة الفكرية في توسيع الرؤيا وتحديد الرسالة وايجاد الخيارات البديلة التي تحقق الوصول للأهداف.
ونحن في المملكة الأردنية الهاشمية حبانا الله بقيادة واعية، وهي القيادة الفكرية والسياسية، التي يتمتع بها جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ــ حفظة الله ورعاه - والتي تقود عناصر قوة الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية وغيرها ، التي أخرجت البلد من العديد من الأزمات . وفي هذه الأيام استطاع جلالة الملك بقيادته الفكرية والسياسية حل أزمة المسجد الاقصى، وأزمة السفارة الاسرائيلية، وحل العديد من الأزمات التي استطاع بتدخله المباشر النابع عن الفكر في التخطيط الاستراتيجي الذي يعتمد على الرؤيا الواضحة والدراسة العميقة للبيئة الداخلية والخارجية وتحديد الرسالة والأهداف، والوصول إلى الحل الأمثل لهذه الأزمات وغيرها، والتي لو كانت في دول اخرى لعصفت في قرارها السياسي. ولكن جلالته بفضل الله استطاع قيادة هذا البلد إلى بر الامان بالرغم من كثرة الازمات، حيث حبانا الله بقيادة هاشمية درست في مدارس الهاشميين عبر مر التاريخ، مرجعيتها مدرسة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وفي كل من بريطانيا وفرنسا تكون القيادة للمفكرين من رجال الأدب والثقافة والفلسفة، وفي المانيا تترك القيادة الفكرية في أيدي أساتذة الجامعات، حيث توضع الثقة من قبل الناس في أصحاب التخصصات العلمية. وفي الولايات المتحدة الامريكية تكون قيادة الفكر للخبراء وهم الذين مارسوا العلم تطبيقا. ولكن في بعض دول العالم الثالث قد يكون هناك خلط بين القيادة الفكرية والقيادة السياسية، حيث تهيمن فيها القيادة السياسية على القيادة الفكرية وتسمى القيادة الاحادية ، حيث يسعى البعض لضم القيادتين، لينفرد بالتنظير السياسي والفكري.
و تحولت بعض القيادات السياسية إلى منظرين في الفكر والرواية والدين إلى جانب السياسة، وبالتالي تراجع دور الأدباء والفلاسفة وأساتذة الجامعات والخبراء و أصبح الفكر تابع لا متبوع ، وهذا أدى إلى وجود فجوه في الحالة الفكرية في بعض دول العالم الثالث .
وبالقيادة الفكرية يؤخذ برأي الحكماء، والذي قد لا يكون ملموسا لدى بعض الأشخاص. وبالفكر يتم التخلص من رأي بعض الاشخاص ورغباتهم والتي لا تتعدى مواطئ اقدامهم. لذلك يجب ترك الرأي لأصحاب الحكمة والسياسة وليس لرأي من لا عنده رأي ولا معرفة ولا حكمة ولا بصيرة. فإذا كثر الحكماء والمحللين والمناكفين الذين يقاوموا التغيير ويضعوا العصا في الدولاب، غابة الحكمة، وترك الأمر إلى عامة الناس، و كثرة أعداد مدعيين الفكر وموجهيه، هو مؤشر للفوضى الفكرية .
وفي النهاية: قلة هم من يجمعوا بين القيادة الفكرية والقيادة السياسية، ولكن جلالة الملك عبدالله الثاني - حفظه الله - استطاع أن يجمع بين القيادتين كونه تربى في مدرسة الهاشميين، ويملك من العلم والمعرفة وبعد النظر في التخطيط الاستراتيجي ما لا يملكه غيره .
حيث بمعرفته وحكمته وبصيرته، استطاع إدارة العديد من الأزمات الداخلية والخارجية واستطاع أن يكون مؤثراً في صياغه القرار الاستراتيجي على مستوى الدول العظمى .
لذلك نرفع القبعات احتراما وتقديرا لجلالة الملك، الذي يواصل الليل بالنهار. لأجل الأردن والشعب الأردني وينظر إلى مستقبل الأردن لتكون في مصاف الدول المتقدمة في جميع المجالات، ويسعى باستمرار لتحقيق الرفاه للشعب الأردني.
اللواء الركن المتقاعد الدكتور مفلح الزيدانين، دكتوراه في التخطيط الاستراتيجي وادارة الموارد البشرية