"سياسيو فلسطين" .. ومحطات تاريخية "مريرة"
02-01-2009 05:15 PM
إسرائيل ما زالت تعربد وترتكب الجرائم التي لم يشهد العصر الحديث مثيلا لها ضد العزل من أطفال ونساء وكهول وشباب.
العالم كله، من شرقه الى غربه، ومن شماله الى جنوبه، ما زال يشجب ويستنكر ويندد، والغليان ما زال حال الشارع العربي الذي هب في وجه حكوماته وزعمائه مطالبا بإتخاذ مواقف حازمة إتجاه جرائم إسرائيل المنظمة، والزعماء والحكومات العربية "مصدومة" في هذه الأجواء، فإلى وقت قريب كان العرب يبحثون عن بقعة ضوء للسلام لكل الشرق الأوسط، وجاءت المبادرة العربية التي أعلنت في قمة بيروت، والتي قدم فيها العرب أقصى ما يمكن تقديمه، رغبة حقيقية لهذا السلام، وطار العرب الى مؤتمر أنابوليس الذي رعاه الرئيس الأميركي جورج بوش، محملين بأمنيات ان يكون آخر محطات الوصول الى السلام.
لكن إسرائيل، وفي خطة ممنهجة، كانت تضع كل ما أمكنها من عراقيل في وجه السلام، وإستغلت مؤخرا الإنقسام الفلسطيني الداخلي، لتتوج بعدوانها الحالي الغاشم تلك العراقيل، ولتطفئ بذلك "البقعة" التي كان العرب يرونها في آخر النفق وتزيده ظلاما.
خلال تلك المحطات، كان العبث والفوضى السياسية، عنوانا للسياسة الفلسطينية، ففي كانون الثاني عام 2006 شكلت حماس حكومة السلطة الوطنية الفلسطينية "العاشرة"، ومنذ ذلك الحين، بدأت الضغوطات الإقليمية والدولية تزداد على الحركة جراء رفضها الإعتراف بإتفاقات أوسلو، وبالتالي رفضها الإعتراف بإسرائيل، وكانت
ردة فعل إسرائيل برفض تحويل مستحقات السلطة الوطنية الفلسطينية المالية، الضاغط الأكبر على حكومة حماس، فلم تجد قيادات حماس ما تسد فيه حتى رواتب موظفيها، فتردت أوضاع الناس الإقتصادية، وسادت الفوضى في الشارع الفلسطيني، وكانت تلك مقدمات لوقوع مواجهات دامية بين "الأشقاء" في فتح وحماس، وإستمر الحال على ما هو عليه الى أن جاء إتفاق مكة في أيار عام 2007 ، ونص خصوصا على تحريم الدم الفلسطيني، وشكلت في السابع عشر من آذار حكومة وحدة وطنية بقيادة حماس إصطدمت بالخلاف على شخص وزير الداخلية وعلى الخطة الامنية، فتجددت الإشتباكات وعادت الفوضى الأمنية والسياسية من جديد، فقامت حماس على ضوء ذلك بالإستيلاء على مقار السلطة في غزة في الرابع عشر من حزيران 2007، فإعتبر محمود عباس ذلك إنقلابا واصدر مرسوما يقضي بإقالة رئيس الوزرا ء إسماعيل هنية وإعلان حالة الطوارئ، وشكل حكومة تنفذ حالة الطوارئ.
حماس رفضت ما وصفته بـ "العربدة السياسية"، وكانت النتيجة أن إزداد الوضع الفلسطيني سوءا، وفيما كان العالم يبحث عن "اللغز" في فوز حماس بالإنتخابات وإعتباره بأن الفلسطينيين قرروا إتخاذ منحى "العنف" مع إسرائيل، فإن إسرائيل، ووسط الرفض الإقليمي والعالمي لوجود حماس في السلطة، وبعد ذلك الإقتتال الفلسطينيي – الفلسطيني، وجدت الأرض الخصبة لتمعن في الدماء الفلسطينية في غزة دون أن يرف للعالم "الرسمي" جفنا.
هذه حقائق، بالتأكيد أنها لا تبرر إطلاقا العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، لكنها محطات لا بد والتوقف عندها لتصحيح مسار السياسة الفلسطينية، وهو المطلب الذي يطالب به الشعب الفلسطيني الآن لأنه، أي الشعب، إقتنع بأن تشتت القرار السياسي الفلسطيني وخضوعه للتجاذبات والتحالفات العالمية والإقليمية، دون أن يأخذ في بعض جوانبه، مصلحة الشعب الفلسطيني العليا، كان من بين الأسباب الهامة لعدوان إسرائيل على غزة وإعتقادها بأنها تتفرد الآن بحماس بعيدا عن باقي الفلسطينيين، ولإيمانها بأنها تمكنت من دق إسفين بين الفلسطينيين وشرذمتهم لتحقق أهدافها، فالقضاء على حماس لا يفيد فتح ولا باقي الفصائل، وفيه إضعاف للنضال الفلسطيني، والعكس بالتأكيد صحيح.
الحقائق التاريخية "المرة" السابقة، تضع "سياسيو فلسطين" أمام حقيقة أكثر "مرارة" بعد أن أخذوا القضية الفلسطينية الى هذه المحطة التي يدفع ثمنها الابرياء جراء العدوان الإسرائيلي، فهم إرتكبوا "الخطيئة" حين تقاتلوا ووجهوا السلاح الفلسطيني الى "الفلسطيني"، وسمعة النضال تلوثت حين إرتضا "البعض" لأنفسهم بأن يظهروا أمام العالم بأن إقتتالهم ليس إلا على "سلطة" جاءت أصلا برضى المحتل قبل رضاهم، ولا بديل الآن إلا التوافق الفلسطيني ووضع حد لحالة "الشرذمة" تلك التي كانت سببا، يجب على الساسة الفلسطينيين أن يعترفوا أنها أعطت لإسرائيل مبررا آخر لعدوانها على غزة، وخلق حالة مصالحة فلسطينية الآن أصبحت اكثر إلحاحا لتكون واحدة من المقدمات الهامة لوقف العدوان الذي يتعرض له الأهل في غزة.
Nashat2000@hotmail.com