منذ لحظات الوعي الأولى وصورة المسجد الأقصى لم تفارق أعيننا ، كانت صورة المسجد مرسومة على «دفاترنا» ، تحتل الصفحة الأولى من محاولات الرسم، مطبوعة على أغلفة كتب القراءة والاجتماعيات وكتاب الدين .. حتى في دروس الصفوف الأولى لا بدّ من نشيدة و قصيدة و درس عن الأقصى وفلسطين .. فنشأ جيل محمّل بالرسالة محبّ ويحمل قضية دين وعروبة .. كلما فتحنا حقائبنا المدرسية في البيت أو في المدرسة لا بد من كتاب أو دفتر أو مقلمة تحمل رمزاً مقدساً للمدينة المقدّسة .. جميع الدول العربية كانت تتبنى ذات الرسالة من الأردن الى تونس الى الجزائر الى الخليج وسوريا والعراق المناهج كلها لا تغفل ولا تنسى أولى القبلتين ولا عروبة القدس..في نشرات أخبارها ، في عناوين صحفها وفي ندواتها الثقافية والسياسية ، البوصلة كانت هناك.
شيئاً فشيئاً صارت الدفاتر تحمل رسوماً لأبطال الكرتون ، والمناهج تحذف القصائد التي تتكلم عن الحق العربي وعن المسجد الأسير وتحذف دروس البطولة والتضحية واستبدالها بنشيد الأرانب والخراف..والشاشات الرسمية صارت تضع ترتيب الأخبار القادمة من الأرض المحتلّة رابعاً أو خامساً في الأهمية قبل أن تتراجع لما قبل الأخير ثم يغيب ذكرها بشكل كامل وكأنه لا وجود للقضية ولا احتلال لفلسطين ولا تدنيس أو تضييق على بيت الله المبارك.
أرادوا لجيل كامل ان لا يحمل الهم وطني .. لا يريدون أن تعتاد عيناه على القضية ، لا يريدونه أن يرى سوى «بوكيمون» و»دورا» و»ابطال الديجتال» و»بن تن» لكنّهم فشلوا فشلاّ ذريعاً فهذا الغليان غليان الشباب وحدهم . في الإعلام العربي كذلك ، بعد أن تفرغ نشرات الأخبار من كل القضايا الدولية والعربية والإقليمية ويتم تجاهل أي أخبار تذكّر أو تندد أو تفضح وحشية الجرائم الصهيونية هناك تفضّل تغييبها ، واستبدالها بخبر عن عرض أزياء لــ»فساتين من الشوكلاته»!!..
بالمناسبة الأقصى ليس فلسطينياً ، ليس دائرة جوازات ، ولا مكتب فواتير للكهرباء إذا تعرّض للاعتداء نترك للسلطات الفلسطينية حقها في ان تدافع عنه أو تحميه .. هو إرث مقدس لكل عربي ومسلم وإنسان ينتصر للحق، ومسؤولية أمنه هي مسؤولية مليار وثلاثمائة مليون إنسان..
هب أن بيت زعيم عربي تعرّض للاقتحام والتكسير والتدنيس والتفتيش - لا سمح الله- هل سيصمت الزعيم و إعلامه في ذلك اليوم؟؟...الأقصى «بيت الله» فما انتم فاعلون؟
الرأي