جبل القرين .. حيث ينام القمر هناك
د. محمد عبدالكريم الزيود
29-07-2017 10:40 AM
من هنا ، ومن تلك التلال التي تنتصب بها شجر البلوط كحرس وجنود ، يغفو القمر على أفقها ، هناك يجلس يداعب رؤوس الشجر ، ويقترب ليلامس التراب ربما ، لذا أطلق السكان الجدد عليه (تل القمر) ....!!
من "صروت" وحتى "جبّة" مرورا "بالعالوك" و"المسرات" ، يقال كان الملك الروماني "آلوك" ينصب مملكته ، وربما جلس هنا من جبل (القرين) يتابع رعيته، يجمعون ثمار الزيتون من هذه الشجرة المباركة التي ما زالت تعمّر الموارس ، والتلال ، مثله مثل القمح والشعير حيث غمر المروج بخيره الوفير في موسمه ، يجمع الناس الزيتون ويأخذونه نحو المعصرة الحجرية هناك في خربة المسرة الشرقية ، حيث وجد آثارها ، مع المطحنة والجرار وغرف الخزين ، حتى المدافن كان يقدم فيها الزيتون والقمح غذاء للإله ..
من (تل القمر) حيث يطلّ على قرية المسرة الشرقية ، على بيوت الناس الطيبين من أهلنا حيث أقاموا بيوتهم الإسمنتية بعدما كانت طينية ، أهلنا الذين نصب بعضهم بيوت الشعر آنذاك في "السناد" وفي بعض فروعه وعروقه ، وربما لجؤوا إلى المغارات في الشتاء ، هربا من المطر وبحثا عن الدفء والمأوى لهم ولمواشيهم ولخزينهم من المؤونة والبذار..... في السنوات القريبة ، أقام السكان الجدد وبعدما ضاقت المساحات في "جدر " القرية ، فبنوا بيوتهم على السفوح والأكتاف تحت تل القمر ، في الطرف المقابل للقرية القديمة ، ففيها شوارع جديدة ، وخدمات ، حتى القرميد زيّن سطوح بيوت الحجر الجديدة .
ظلّت "مقبرة المسّرة " شاهدا هناك ، على طرف الوادي ، بالقرب من خربة الإثار البيزنطية ، في المقبرة القديمة دفن أجدادنا وبعض من آباءنا ، وفيها رقد شاعر الأردن حبيب الزيودي تحت ظل سنديانة ذات مساء تشريني ، أما مسجد المسرة فما زال بناؤه الحجري شاهدا على عراقة من مروا به وصلّوا، رغم التحديثات عليه لكن ما زال يحمل عبق الماضي وأصالة من رفعوا بناءه وآذانه ..
هنا حيث يطل القمر كل مساء ، هنا حكايات للآباء وللأجداد ، حكايات من الفروسية والشهادة والعسكرية والطيب ، حكايات القرية التي تغفو وتصحو على وطن ما زال زاهيا بعيون أبنائها .