نتنياهو انتاجٌ طبيعيٌ للمجتمع المتطرف الإسرائيلي
محمد الداودية
29-07-2017 01:57 AM
عرَّض نتنياهو السلامَ مع الأردن للخطر مرتين، الأولى عام 1997 حين تصرف على حقيقته، كزعيم عصابة فأرسل عميلين محترفين من الموساد لاغتيال السيد خالد مشعل في عمان.
والثانية بعد عشرين عاما، حين بالغ الأسبوع الماضي في الحفاوة بالضابط الإسرائيلي الذي قتل مدنيين أردنيين اعزلين، احدهُما حدثٌ والآخرُ طبيبٌ حاول اسعافه، دون ان يكون الضابطُ القاتل مهددا، ودون ان يكون في وضعية الدفاع عن النفس.
في الجريمة الأولى التي كانت اعتداء على السيادة الأردنية، فشلت عملية الاغتيال. تلقى نتنياهو هزيمةً مخزية ودفع ثمنا فادحا تَمثّل في الإذعان للإحضار الترياق واطلاق سراح الشيخ الشهيد احمد ياسين وعدد من المعتقلين الأردنيين والعرب.
جريمةُ الرابية، التي لا لُبْسَ فيها ولا غموض ولا انكار، جعلها نتنياهو جريمتين، حين لم يُدِنْها ولم يعتذر للاردن ولا لأسر الضحايا. ولم يحوّل الضابطَ المجرمَ الذي اقترفها الى التحقيق ولا الى السجن، في موافقةٍ كاملةٍ عليها ومساندةٍ ودعمٍ قانوني واعلامي ونفسي للضابط القاتل، وفي محاولةٍ مسخٍ لجعله بطلا، ولإخراج إعادته الى إسرائيل وكأنه انقاذٌ وتحرير. وفي رسالة صريحة واضحة الى جنود جيش الاحتلال وضباطه، في الضفة الغربية المحتلة، أن انفلتوا على الدم العربي الفلسطيني واشربوه.
لقد بيّن الملك بأوضح العبارات وأكثرها حدة وسخطا واختصارا، انه سيكون لتعامل اسرائيل مع جريمة السفارة ومقتل القاضي زعيتر وغيرها من القضايا، اثرٌ مباشرٌ على طبيعة علاقاتنا. وأن تصرفَ نتنياهو المرفوضَ، يفجر غضبَنا جميعا، ويؤدي الى زعزعة الامن ويغذي التطرفَ في المنطقة.
هل علينا بعد هذا ان نطرح سؤالا حول أهلية نتنياهو، الذي يضرب السلامَ مع الأردن، بهذه الشِّدّة والرعونة والطيش، لصنع سلامٍ مع العرب والفلسطينيين؟!
نتنياهو ليس صنيعةَ نفسه. نتنياهو والضابطُ القاتل، تصرفا كما تربيا وتعلما في المدارس والثكنات. نتنياهو سليلُ اسلافه الإرهابيين: جابوتنسكي وبن غوريون وغولدا مائير وبيغن وشامير وشارون وباراك واشكول وبيريز. ونتنياهو انتاجُ المجتمع الإسرائيلي المتطرف الذي انتخبه وينتخبه على برنامجه السياسي-العسكري-التوسعي-الاستيطاني-الديني- المتطرف، المعادي للشرعية الدولية وللسلام، يدعمه كنيستٌ متعصبٌ صوّت بالأمس على عدم التنازل عن القدس:
لا دولة فلسطينية.
لا انسحاب الى حدود الـ 4 من حزيران 1967.
الاستمرار في الاستيطان ولا وقف له.
رفض تقسيم القدس. يهودية الدولة...الخ.
بات جليا ان نتنياهو قد وجّه الى السلام مع الأردن ابلغَ الطعنات. ومن يتابع كتابات الأردنيين على مواقع التواصل الاجتماعي، يقرأ تغريداتٍ بالآلاف، تتميز غيظا وسخطا وضديةً مفرطة. وتدعو الى تمزيق اتفاقية وادي عربة وتزدري هذا السلام الذي يزدريه نتنياهو ولا يهتم باستمراره.
الصحافةُ الإسرائيليةُ استفاقت واخذت تسخر من نتنياهو وتقرّعه وتدينه وتكتب عن طيشه وغطرسته وعنايته بموقفه الانتخابي الانتهازي، اكثر من عنايته بالقانون الدولي وبالسلام. (جدعون ليفي-هاآرتس- الخميس 27 تموز).
إن الشروط الأردنية لعودة السفيرة وطاقم السفارة، واضحةٌ وحاسمة ومحددة، -ولعلنا سنشهد قريبا عودة سفيرنا وطاقم السفارة الأردنية من تل ابيب- وليس امامَ زعيم المافيا هذا، الا ان ينصاع لتنفيذ هذه الشروط ان كان يدرك ان كرامة الأردن ليست للعبث بها وان حيط الأردن مرتفع شاهق عالٍ. وحين يرتكب جنودُ نتنياهو وضباطُه جناياتٍ أخرى، سيدفع الثمن بالصاع الوافي، لانه حين يحتاج الأردن لن يجده.
انها مسيرة طويلة وصراع قاس ممتد. سوف «يقع» نتنياهو و»يأتي حَبَّه للطاحون».
الدستور