لاثة أحداث ألهبت مشاعر الاردنيين واستولت على اهتماماتهم خلال الايام الماضية. لا يوجد اردني لم يسمع باقتحام الاحتلال لباحات الاقصى ووقف الأذان وطرد المصلين. كما لم يبق احد على الارض الاردنية الا وسمع بالحكم الصادر بحق الجندي معارك ابو تايه ورد فعل قبيلة الحويطات وتداعي العديد من القوى والتيارات والشخصيات والاعلان عن مواقفهم وتضامنهم مع قبيلة الحويطات. وقبل ان يخفت الاهتمام الشعبي بما حصل فجرت حادثة السفارة الاسرائيلية ومقتل اثنين من المواطنين الاردنيين على يد حارس أمن للسفارة، ومغادرته البلاد وسط ارتباك اعلامي رسمي وتضارب الانباء، قبل ان تعلن وسائل اعلام الكيان الاسرائيلي عن وصوله واستقباله من قبل رئيس الوزراء الاسرائيلي الذي وعد الاسرائيليين بعودته بالرغم من صدور بعض التصريحات الاولية من قبل مسؤولين اردنيين بغير ذلك.
المشترك بين الاحداث الثلاثة ليس مستوى التباين بين توقعات الشارع واداء الحكومة او تضارب البيانات وقلة الثقة بالقائمين على ادارة الازمات، بل وجود البعد الدولي الطاغي في كل واحد من الاحداث الثلاثة، وترصد البعض لاظهار فشل الحكومة في ادارة الشؤون الداخلية، ناهيك عن القضايا الخارجية، اضافة الى غياب اي دعم عربي او دولي لموقف الاردن الذي تُرك في مواجهة دبلوماسية شرسة مع سلطات الاحتلال دون اي اسناد عربي او اسلامي بالرغم من وجود منظمة العالم الاسلامي التي تأسست منذ ما يقارب الخمسة عقود وفي اعقاب احراق المسجد الاقصى.
في حادثة الاقصى، حاول الاردن الذي تصدى للهجمة الاسرائيلية وحيدا ان يبدي تمسكه بالقانون الدولي وبنود معاهدة السلام التي أعطت له حق الرعاية للمقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس، في حين أبدى الاسرائيليون غضبهم واستنكارهم، وعبر البعض عن رفضهم للدور الاردني واستعدادهم للتملص من الالتزامات والسير في الاجراءات المبيتة للتقسيم الزماني والمكاني الذي عملت سلطات الاحتلال الاسرائيلي على اعداد خططه وتهيئتها للتنفيذ عند اول فرصة سانحة. ومع وجود دعم فلسطيني للدور الأردني، الا ان بعض اللاعبين الجدد على المسرح العربي لم يعيروا الموضوع اي اهتمام علني، وكأن ما يجري على الارض الفلسطينية لا يعنيهم.
وفي سياق منفصل، ادى صدور الحكم على الجندي الاردني المتهم بقتل عدد من المدربين الاميركيين في قاعدة الجفر غضب قبيلته التي ظلت تحت انطباع انه ادى واجبه العسكري، حيث اشارت التقارير الاولى التي تلت الحادثة ان المدربين رفضوا التوقف للتفتيش، ما دفع الجندي لاطلاق النار لتظهر التحقيقات اللاحقة بيّنات اخرى اوجبت الحكم.
قضية اخرى هزت الشارع الاردني وخيبت الآمال واضعفت الثقة بقدرة وخبرة بعض اللاعبين السياسية والاعلامية، حيث لم يتوقع احد ان يجري اطلاق سراح وتسليم القاتل الاسرائيلي دون الحصول على ضمانات بمحاكمته واشراك الاردن بعملية المحاكمة، فمن غير المعقول ان أضرب بعرض الحائط مشاعر المواطن الاردني واسارع الى تسليم قاتل وألقي باللوم على الضحيتين على اعتبار انهما تعديا على حياته بدون وجود اداة او جرح او آثار لإصابة.
الاستهانة بعقول ومشاعر الاردنيين تركت ندبات عميقة وهزت الثقة بالحكومة ونالت من احساسنا بالعزة والكرامة التي ظلت حاضرة في اقوال وافعال الامة التي يتدافع ابناؤها على الالتحاق بالمؤسسات العسكرية.
الغد