يبدو ان قدر الاردن المحتوم ان يبقى تماما كرغيف الشعير حيث يؤكل هذا الرغيف العجيب ويشبع صاحبه لكن قبل ان ينتهي منه يبدأ بذمه فورا.. هذا هو الحال في هذا البلد العظيم ... الاردن هو اول من تحرك عربيا واقليميا على الصعيد الرسمي في العدوان على غزة ولم يكن هذا التحرك مقرونا بتحرك الشارع ليرضي هذا الغضب العارم وانما جاء التحرك على لسان الملك الذي طالب فور وقوع العدوان على غزة بتحرك عملي من باب تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته الاخلاقية لوقف العدوان الاثم على الاهل الصامدين في غزة هاشم .. لم ينتظر الموقف الاردني الرسمي تحرك الشارع الاردني الشعبي ليطلب اجتماع عاجل لوزراء الخارجية العرب ... لم ينتظر الاردن الى ان يصل عدد الجرحى الى قرابة الاربعمائة شهيد والجرحى قرابة الف وثمانمائة شهيد حتى يتحرك .. الاردن لم ينتظر كل هذا ... والموقف الاردني ليس بحاجة ايضا لمقال اكتبه انا او غيري فتقديم الواجب لا ينتظر الشكر عليه .
ولكن ما يثير هو محاولة البعض في الداخل والخارج وعلى بعض الفضائيات للمزايدة على الاردن ومواقفه انا لم استطع ان اصل الى معنى الذي يريد الانتهازيون من المزاودة على الاردن وهم يعبرون عن استيائهم من العدوان على اهلنا في غزة .. لا ادري ما هي الرساله التي يريد هؤلاء ايصالها من الاساءة للاردن عبر عدد من وسائل الاعلام .. لا ادري ماذا يريد هؤلاء الحاقدين على انفسهم من هذه التصرفات ..؟!
قد يقول البعض ان هذا الكلام سببه اتفاقية وادي عربة والتي ادت الى سلام مع العدو الصهيوني ورغم تحفظي على هذه الاتفاقية ورفضي لها من الاساس الا ان الغائها الان امر سيترتب عليه معادلات جديدة لا اعتقد ان الامه العربية في ظل هذا الهوان التي تعيشه قادرة على تحملها ..وانا هنا لست ادافع عنها فأنا ضدها بالاساس ولا اريد ان ادخل بتفاصيل لا تنتهي لكن اريد ان اسأل من يطالبون بألغاء الاتفاقية ما هي النتائج المرجوة من ذلك الان وفي هذا الوقت بالذات ..؟!
ان الاردن قد اوصل لاهل غزة منذ ستة شهور الى الان اكثر من ثمانين شاحنة محملة بالادوية والمساعدات التموينة بسبب هذه الاتفاقية .. ان الاردن بأيصال هذه المساعدات بشكل مباشرساعد بصمود الاهل هناك وعلى رأسهم حماس .. ان الاردن من اجل هذه الاتفاقية لا ينتظر قرار مصر في فتح الحدود ومعبر رفح بل ان جسر بري فتح منذ امس بين الاردن وغزة لايصال الادوية والدم الاردني والمواد الغذائية بشكل يومي ودون انتظار (أوردر) من مصر او اسرائيل
.بسبب هذه الاتفاقية امر الملك عبدالله الثاني بعمل مستشفى اردني عسكري ميداني في غزة سيكون جاهزاً خلال وقت وجيز جدا لعلاج جرحى حماس المقاومين على ارض الرباط واطفال ونساء وشيوخ غزة بسبب العدوان الاثم الجبان من قبل الصهاينة سيعلو جباه الاطباء فيه شعار الجيش العربي الباسل وسيعلو هذا الشعار العلم الاردني.
ان كل هذا الذي يقدمه الاردن شىْ بسيط من الواجب الذي يقع على كاهلنا الا ان اي بلد عربي يحتاج الى سنوات ليواكب مواقف الاردن العملية على ارض الواقع امام هذا العدوان المذهل الذي يقف امامه القلم عاجز عن التعبيرفي ظل الهوان الذي تعيشه الامة العربية والاسلامية على حدا سواء وامام الحظ القبيح الذي اوجدنا في هذا الوقت القبيح من تاريخ هذه الامة .