حادثة السفارة .. بين غمز النخب واستياء الشعب
د.طلال طلب الشرفات
27-07-2017 02:29 PM
حادثة سفارة الاحتلال وما رافقها من فجيعة في مضمون الجريمة واسلوبها الذي لا يليق بأعراف الدول الرصينة واحترام سيادة القانون في الدولة المضيفة ، وارتباك في التوصيف والتوظيف من قبل حكومة مرهقة ومتعبة ارتبكت واربكت كما هو عهدنا بها منذ تشكيلها كانت محطة موجعة غاب فيها الحكمة والمهنية والاحتراف في ادارة شؤون الدولة ، حادثة فشلت الحكومة في معالجتها قانونياً وسياسياً فخسرت وخسر الوطن معها ، وهذا مؤشر على غياب التنسيق وضعف الانسجام في معالجة الاحداث الطارئة ، ودليل على حالة العجز الذي يعتري اداء الحكومة .
كان على الحكومة عند وقوع الجريمة ان تتحقق من امرين وبشفافية وشجاعة ، اولها معرفة فيما اذا كان الجاني يتمتع بالصفة الدبلوماسية لحظة وقوع الجريمة ، وعند ثبوت هذا فإن القضاء الاردني غير مختص في نظر هذه القضية وفقاً لقانون العقوبات الاردني واتفاقية فينا لعام 1961، وثانيها ممارسة كافة الضغوط السياسية والقانونية لمحاكمة الجاني بموضوعية وعدالة لذوي المجني عليهما في دولة الاحتلال .
الحكومة ارتبكت في الاولى وصرحت بأنها منعت اركان السفارة من المغادرة ، وفي هذا اربكت الرأي العام وكأنها تقول ان الجاني لا يتمتع بالحماية الدبلوماسية واثارت شكوكا كانت في غنى عنها ، وافسحت المجال للإسرائيليين لأخذ زمام المبادرة ، فكان لهم اكثر مما ارادوا بكثير .
والحكومة فشلت في الثانية فشلاً سريعاً سيما وانها تعلم انها تتعامل مع دولة مارقة لا تؤمن بسيادة القانون الا لأفرادها ولا تقيم وزناً لدماء الابرياء او للقانون الدولي الانساني ، فقد كان عليها ان تذكر الاسرائيليين بخطورة الجريمة وآثارها وتبعاتها ومسؤولية دولة الجاني في حق الاردن في متابعة محاكمة الجاني وفقاً للأصول القانونية والاعراف الدولية في الدول التي تحترم سيادة القانون .
اما وقد استقبل الجاني استقبال الابطال هناك حيث لا حيث ولا عنوان ، فقد بلغ السيل الزبى في استكانة الحكومة وخذلانها لمواطنيها وعجزها في اخذ موقف يليق بالدول التي تحترم هيبتها وسيادتها ، استدعاء السفير الاردني واعتبار سفيرة الاحتلال شخصاً غير مرغوب فيه ، او تخفيض التمثيل الدبلوماسي اسوة بقطر الشقيقة على اقل تقدير، الضغط على الوسطاء لأجراء محاكمة فعليه للجاني وحق الاردن في متابعة تلك المحاكمة ، والسؤال الذي يثير الحزن والغضب انه لو كان الامر معكوساً هل يجرؤ رئيس الحكومة على فعل ما فعله رئيس وزراء الاحتلال .
كل ما حدث يضع الحكومة امام مسؤولياتها الدستورية والاخلاقية بأن تغادر الدوار الرابع الى غير رجعة وان تدرك انها حكومة بائسة لا تسمن ولا تغني من جوع ، وانه قد آن الاوان لخلاصنا من هذا الوبال المزعج الذي اثقل كاهل الوطن ويخرجنا من كابوس الفشل الذي الى افق المراجعة الوطنية الشاملة الرحب .