اليوم يصادف عيد زواج منال و عصام العاشر ، نتاج هذه السنين اربعة اولاد ،و سكري عند منال من السمنة و زيادة الوزن، و عملية قسطرة لعصام الاسبوع الماضي.
طبعا منال استيقظت متحمسة لهذا اليوم آملة ان يتذكر عصام و يحضر لها مفاجئة دليل حبه و اهتمامه.
حجزت منال موعداً مع الصالون واشترت فستانا قبل ايام و كانت فرحة جداً.
في الصباح عملت القهوة لعصام و جهزت افطارا سخيا ، و لكن عصام كان مستعجلا خوف ان يتأخر عن عمله و قال :في شي ، صار شي ،بدك تحكي شي؟
اشتاطت غضبا منال و قالت: لا سلامتك ما في الا كل خير، معتلية برج الكرامة من ان تَّذكره ، نفس البرج الذي وقعت منه كل مرة
لملمة كرامتها منال و استجمعت قواها و قررت ان تحاول معه عند عودته، فكانت تحلم بان يحضر لها هدية ، ذهب مثلا ، وان يذهبا للأكل في محل مشاوي متناسية السكري و السمنة لوهلة، لزوم الفرحة.
و في طريق العودة راجع عصام احداث اليوم و هو عالق في ازمة خانقة ، "و دارتله بعدين" ، توتر لأنه لم يحضر شي و لم يرتب لشي. اول ما خطر على باله بائع الورد على الشارة الضوئية.
قال: كم الضمة؟
قال البائع :الوحدة بخمسة دنانير.
قال عصام: هات ثلاث بعشرة دنانير .
و بقي عصام والبائع يتساومان والسيارات من خلفهم تطلق الزوامير و السائقون غاضبون يلوحون بأيديهم ويتمتمون ما أوتي من الفاظ غير مدرجة بقاموس اللغة العربية.
فيقول عصام للبائع :ضع الثلاث ضمم في ضمة واحدة، أهيب.
وهكذا بدأ البائع بهكذا طلب على الاشارة الضوئية ، وبدأ عصام بالسير بسيارته ماددنا يده و بها الدنانير ، والبائع يلحق به ليسلم الورد ويستلم الفلوس.
دخل على البيت فاذا ببوز منال متر ، و السكون يخيم على البيت، فالأطفال استنفروا في غرفهم لأنه" ماما اليوم معصبة".
قال: شو منال ما في اكل ؟
في طبعا بس مش رح ناكل في البيت ، بدي تاخدني ناكل مشاوي عشان عيد زواجنا ، ولا ناسي؟
قال: اكيد لا ، و احضرت الورد خصيصا الك ، وصيَّت عليهم من مبارح و حبيت افاجئك.
يلا يا ولاد طالعين كلنا على الغداء.
و طبعا لا داعي لسرد التفاصيل و لم تكن هنالك فرصة لمنال و عصام للحديث
ففي المطعم استلم كل من منال و عصام احد الاولاد لإطعامه ، والذي يريد الحمام ، والذي تعب يريد النوم ، والذي زهق يريد و الذهاب للبيت.
و ذاقت منال في الاكل ، فشت غلها بالكامل ، وانبسط عصام لان منال مزاجها انعدل مع الاكل ، و خرج الاثنان فرحين بالاحتفال بعيد زواجهم .
و في طريق العودة فاجأ عصام زوجته بان وقف امام محل الذهب واشترت منال اسوارة ذهب ، تمام مثل الخمس اساور التي في رسغيها ، و كانت فرحة جداً معتقدة انها شاطرة حققت ما تريد.
دخل عصام البيت يزرب عرقا ورجع وهو يزرب عرقا، كون نهاره رائع منذ البداية، وكان في جيبه اقل بأربعمائة دينار.
خلدت منال الى النوم وبيديها خمس اساور ذهب و معدتها ملئا، لكنها كانت تشعر بفراغ غريب في داخلها ، واما عصام انكفأ على صباحه وبه فراغ اكبر.
و بقيت الورود الحمراء على الطاولة بلفتها ، ذبلت وتكت ، لم يسقها احد ولم يعرها انتباها