منهجية العمل المؤسسي والتردي الاقتصادي
د.مروان الشمري
25-07-2017 08:16 PM
في كل معادلات البحث العلمي في العالم المتقدم على اختلاف وسائل التحليل العلمي طبعا هنالك أمور مسلم بها:
هناك شيء اسمه العوامل المستقلة independent variables وهناك شيء اسمه العوامل المعتمدة dependent variables وهذه مخرجات تعتمد على العوامل المستقلة او المدخلات وفي شيء اسمه mediators يعني العوامل التي من خلالها يحدث تأثير العوامل المستقلة على العوامل المعتمدة وهناك شيء اسمه moderators يعني العوامل التي تزيد او تقلل اثر العامل المستقل على التابع المعتمد وهذه تستخدم غالبا في البيئات التي فيها عوامل كثيرة مؤثرة ومتداخلة حسب نظرية ال contingency theory ونظريات الاقتصاد الديناميكي dynamic economic theory .
السؤال: هل تقوم وزاراتنا المعنية بالشأن الاقتصادي بإجراء هكذا تحليلات على كل السياسات الاقتصادية الموروثة من آلة الاقتصاد العالمي صندوق النقد ومعرفة ما الذي حدث فعلا وتحديد العوامل الكارثية التي فاقمت عجز الموازنة والدين العام للتخلص من هكذا عوامل؟؟؟
هل تقوم وزاراتنا بتلخيص المشاكل القائمة التي تواجهها وتعاني منها وتحدد تماما كل التفاصيل التي تخص كل مشكلة على حذه ومن ثم تحاول البحث عن الأسباب التي تتكرر في اكثر من مشكلة وتحديد نسق هذه العوامل وكيفية نشوئها والظروف التي أدت لذلك، معنى هذا انه ان كان هنالك خلل متكرر في اكثر من مشكلة يمكننا ان حددناه بدقة معالجة عدة مواضيع او على الأقل التخفيف من حدتها مرة واحدة، المقصود هو دقة وفاعلية وكفاءة في حل المشكلات وهذا يتطلب دقة وكفاءة وفاعلية وشفافية في تحديد نسق هذه المشكلات وظروفها ومسبباتها.
استمرار مشاكل الوزارات في قطاعات حيوية ومن أهمها ضعف القدرة على استقطاب الاستثمار الخارجي FDI وضعف القدرة على قراءة التحديات الراهنة والمستقبلية وعدم فعالية الاليات المتبعة ومع ذلك التمسك بها في الاستراتيجيات العملياتية في معظم الوزارات الاقتصادية ومشكلة العجز عن اعادة تأهيل البنى التحتية المحفزة على الانخراط في الاستثمارات والأعمال الصغيرة والمتوسطة وضعف التشريعات الخاصة بذلك واحتكار مؤسسات بعينها لموضوع تشجيع وتنظيم الاعمال الصغيرة والمتوسطة وغياب اليات الرقابة والتنشيط الدائمين على هكذا مستثمرين كما غياب اليات التدريب والتوجيه والنصح بضرورة مواكبة التطورات العالمية فيما يخص هذه الاعمال ومعظمها متوفر عبر الانترنت المفتوح للجميع وحتى في الجامعات الاردنية في مراكز الريادة، مراكز الريادة في جامعاتنا ازدادت في الفترة الاخيرة ورغم ذلك لم تستطع الانخراط بفعالية في خدمة المجتمع المحلي وتأهيله بثقافة اقتصادية والترويج لأفكار استثمارية قد تساعد الكثيرين خصوصا في محافظات الأطراف والأقل تنمية. غياب التنسيق التام بين الجامعات والمؤسسات والوزارات والدوائر الحكومية تسأل عنه الحكومات المتعاقبة وكوادر الجامعات على حد سواء، في بعض جامعاتنا تتوافر إمكانات فنية وبشرية يمكن الإفادة منها في مواضيع عديدة ومنها التأهيل والتدريب ودورات التثقيف الاقتصادية وعمليات عصف ذهني لتحليل المشكلات التي تواجه المجتمع المحلي والدولة ككل، الم تقرؤوا عن الامارات وكيف تطورت ونمت في سنوات قليلة وغدت مركزا دوليا للتجارة والمال والأعمال.
متى سنقتنع بان العلم والمنهجية العلمية والتشاركية وتمكين الجميع واستغلال الامكانات المتاحة في اكثر من مجال والتكامل الاقتصادي تخطيطا وتنفيذا بين مختلف القطاعات هي من ابجديات وأساسيات اي عملية تنموية ان اريد لها النجاح.
نحن احوج ما نكون الى تفكير منهجي قائم على تكاملية في مراحل التحليل العلمي والواقعي والشفاف للمشاكل ومرحلة إقرار طرق المعالجات ومرحلة تنفيذ المعالجات، والأكثر أهمية هو الإيمان بأهمية التشاركية من كل ذي صلة في اي موضوع تتم معالجته. التغذية الراجعة بعد ذلك مهمة جدا أيضا وتسجيل وتدوين وتوثيق الخطوات السابقة جميعها بتفاصيلها امر مهم أيضا لمعالجة اي انحرافات وايضاً تجنب حدوثها مستقبلا.
لم يعد الشعب الأردني مهتما بالسياسة فسواء ادلى بدلوه ام لم يفعل فقد بات متيقنا بان الحكومات لا تستمع له وتنفذ رغباتها ورغبات القوى العظمى والحلفاء ولكن بتنا نطالب فقط بحياة كريمة تحافظ على كرامة الأردني هذا ان كانت الحكومة تؤمن بأهمية كرامة مواطنيها.
الفشل السياسي للحكومات يتطلب ان يشعر الأردني بتحسن ملموس اقتصاديا وعلى مستوى معيشته وعلى مستوى معالجة الاختلالات والاعتلالات المؤرقة اقتصاديا واجتماعيا والا فإننا سندخل مرحلة اليأس الكلي وهي اخطر مرحلة ولا يمكن التنبؤ بنتيجتها وتداعياتها.
د. مروان الشمري - استاذ الادارة الاستراتيجية في الجامعة الهاشمية