ما بين حادثة الاقصى وحادثة السفارة
اللواء المتقاعد مروان العمد
25-07-2017 04:50 PM
كنت يوم امس قد اعددت مقالاً لنشره اليوم استكمالاً لمقال يوم قبل امس عن اردوغان لأني كنت اتهرب من الحديث عن الموضوعين السابقين وهما حادثه الاقصى وحادثه السفاره لحساسيه الحديث عنهما وحولهما ولعدم وضوح الرؤيا فيهما وخوفاً من ان يسجل علي موقفاً او كلمه قد لا ترضي الآخرين ،. حتى اني في الامس اعتذرت عن المشاركه في ندوه تلفزيونيه حول هذا الموضوع لهذه الاسباب.
غير ان ما حدث يوم امس واللذي لاتزال تغيب عنه الكثير من المعلومات والحقائق دفعني صباح اليوم الى الخوض في مستنقع هذه الحادثه و الكتابه حولها وانا لا اعرف كيف سينتهي بي الحديث .
في البدايه اقول انه في ليله حادثه الاقصى وقيام ثلاثه من شبان ام الفحم في الاراضي الفلسطينيه المحتله سابقاً بالقيام بعمليه عسكريه نوعيه ضد قوات الاحتلال الصهيوني داخل ساحات المسجد الاقصى اسفرت عن قتل عنصرين من قوات الاحتلال واستشهاد الشبان الثلاثه قلت ان هذه العمليه هي اول عمليه مقاومه نوعيه منذ زمن طويل في مقابل العمليات العبثيه التي كانت تجري ولا تسفر الا عن خسائر بين الاطفال والنساء والشباب الفلسطيني .
وقد كانت لي ملاحظه على مكان تنفيذ هذه العمليه اذ لا يبدوا ان مكانها داخل اقدس مقدسات ارض فلسطن والذي هو القبله الاولى للمسلمين وثاني الحرمين كان أختياراً موفقاً مع توقع ردات فعل العدوا الصهيوني .
حتى اني ذهبت لوضع احتمال ان تكون هذه العمليه مخترقه من خلال اكتشاف عزم الشباب على القيام بعملية استشهادية ضد قوات العدوا واللذي قام بتوجيهها استخبارياً لأن تنفذ في المكان الذي نفذت به لأعطاء قوات الاحتلال ذريعه لتقوم بما قامت به بحق الاقصى واللذي ما كانت لتجرؤ قبل ذلك على القيام به . حيث تم اجتياح ساحات المسجد واقتحام قاعاته والسيطره على مفاتيحه ومنع المصليين من دخوله وقيامها بنصب بوابات الكترونيه على مداخله وحصر الدخول مستقبلاً اليه الا من خلالها ولمن توافق على دخوله وذلك كله دون التشكيك بصدق نوايا الشهداء الثلاثه اللذين قلت انهم ربما تم توجيههم لتنفذ هذه العمليه في ذلك المكان دون علمهم وادراكهم .
وكان ذلك مجرد احتمال قد يكون صائباً وقد يكون خاطئاً .
ولكن احداث الايام التاليه وما رشح من معلومات وما زودني به بعض الاصدقاء ترجح هذه الفرضيه . فقد وصل الى علمي ان الجنود الصهاينه اللذين كانوا في الموقع اللذي تعرض للهجوم هم اما من طائفه الدروز او من عرب بئر السبع وان القتلى والجرحى منهم مما يشير الى علم السلطات الصهيونيه المسبق بالعمليه وانها لهذا اخلته من جنودها اليهود مثلما اخلت برجي التجاره في نيويورك من جميع اليهود العاملين فيه يوم حصول الهجوم عليهما .
وان هذه الحادثه ادت الى نزاع عشائري بين عرب الداخل .
ومن ناحيه أخرى فقد تم نشر شريط فيديوا اذا ثبتت صحته يظهر منفذي العمليه وهم يدخلون من اسوار الاقصى فرادى ثم صوره تجمع اثنان منهما يسيران في احد الازقه ، يتبعه دخول شخص يحمل حقيبه قيل عنه انه المساعد الرابع في العمليه وكان يحمل حقيبه قيل انها تحتوي على الاسلحه المستخدمه في العمليه ثم رأيناه يتجه الى احد الزوايا ويضع حقيبه الاسلحه في منطقه ميته ( وهو تعبير استخباراتي عن المكان الذي يتم وضع الاسلحه او ما شابهها به ثم يأتي فريق التنفيذ لأخذها ) .وفعلاً شاهدنا بعد ذلك فريق التنفيذ الثلاثه وهم يسيرون في احد الشوارع والحقيبه المفترض ان بها الاسلحه بحوزتهم مع تعليق انهم ذاهبين لتغيير ملابسهم . ثم شاهدناهم الثلاثه بملابس جديده يتجهون نحو نقطه معينه ثم يبدئون باطلاق الرصاص على الجنود الصهاينه . وهذا يدل اذا صح الشريط الى انهم كانوا تحت المراقبه من لحظه دخولهم الى لحظه تنفيذهم العمليه وان اللذين كانوا يراقبونهم كانوا يعرفون ما ينون عمله .
كما يشير الى ان المنطقه كلها بشوارعها وساحاتها مزروعه بألكميرات الصهيونيه والتي يمكن مشاهده الكثير منها بشكل واضح والتي يعلم الكثير من حراس الاقصى مكان تواجد العشرات منها ، بالاضافه للتي لا يمكن رصدها ومعرفه مكانها والتي يمكن ان تكون على شكل حشره او لعبه صغيره او اي قطعه توضع بين الاحجار والحفر والزوايا بل ان بعضها يبلغ حجمه حجم رأس الدبوس . اذ لا يعقل انه وخلال سنوات الاحتلال الطويله هذه لم تستطع السلطات الصهيونيه زرع القدس القديمه كلها بكميرات المراقبه .
وهنا قد يطرح سؤال عن الهدف من العمليه ووضع البوابات الاكترونيه وأقول ان الهدف منها هو نزع السيطره الاسلاميه عن المسجد الاقصى والغاء الولايه الاردنيه عنه والدليل على ذلك هو الاستيلاء على مفاتيح جميع مداخل المسجد الاقصى الخارجيه والداخليه والغرف الموجوده به والتي تحتوي على عشرات الأف المخطوطات والكتب الدينيه وغير الدينيه الموجوده بها وربما مصادرتها او مصادره بعضها وخاصه التي تنفي مزاعمهم حول المسجد الاقصى .
وقد شوهدت شاحنات وهي تحمل محتويات من داخل المسجد الاقصى ولكن لم يعرف ما هي او حجمها حيث لم يدخل ساحات المسجد مصلين كما تم طرد الحراس والقائمين على حراسه المسجد منها وربما كان ذاك الهدف من العمليه وليس موضوع البوابات الاكترونيه فقط .
وفي النسخه التي نزلت على صفحتي عن مقالتي السابقه اضفت ان دوله الصهاينه بأعمالها هذه تلعب بالنار والتي تمنيت ان تقوم بأحراقها . وفعلاً كان رد الاهل في القدس على قدر المسؤوليه وقاموا بمقاومه الاجراءات الصهيونيه بكل ما لديهم من اساليب المقاومه وسط صمت عربي وتحرك غربي يدعوا للتهدئه . وكان الصوت الفاعل في هذه الازمه هو الصوت الاردني ومن قبل جلاله الملك المعظم في مسعى منه لأزاله الحواجز الالكترونيه عملاً بما له من سياده على الاماكن المقدسه في القدس . ولكن البعض للأسف حمّل الاردن في هذا المجال اكثر ما يمكن ان يحمله بسبب الظروف الحاليه في المنطقه والعالم بحجه سيادته على الاماكن المقدسه متناسين الظروف التي يمر بها الاردن والذي اصبح يغرد منفرداً بعد ان تم تدمير الدول العربيه واشغالها في حروبها الداخليه ومع بعضها البعض .
وبعد زيادة المخاطر التي تحيق بالاردن من جميع الاتجاهات . وبعد ان اصبح الارهاب الداعشي ومن تنظيم النصره وقوات الحشد الشعبي العراقي والتنظيمات الايرانيه وعناصر حزب الله على مقربه من الحدود الشماليه وما يتطلبه ذلك من يقظه واستعداد وعلاقات دوليه اثرت على مقدرته من التأثير على السلطات الصهيونيه المتعنته .
الا انه ورغم ذلك كان رأس النظام يعمل بكل طاقته لأيجاد مخرج من هذه الحاله للتأثير على الموقف الصهيوني في حين ان البعض كان يطالب الاردن بالتصرف وكأنه هو القوه العظمى الوحيده في العالم . وللأسف فقد شهدت بعض مناطق الاردن مظاهرات لنصره الاقصى ولكنها ادانت الموقف الاردني اكثر من الصهيوني في حين ان شوارع العالم الاسلامي خلت من اي مظهر من مظاهر دعم الاقصى .
والأغرب من ذالك ان هنالك من يطالب طوال الوقت بالغاء المعاهده الاردنيه الاسرائيليه وطرد السفير الصهيوني واغلاق السفاره وعندما تحصل حادثه مثل هذه الحادثه يطالبون الاردن بالقيام بواجباته بموجب هذه المعاهده . كما ان المطالبين بالغائها ينسون ان هذه مصلحه صهيونيه قبل غيرها حتى تتنصل من كل القيود التي وضعت عليها فيها وتتنصل من الدور الاردني في رعايه الاماكن المقدسه التي طالما ادى التدخل الاردني الى انقاذها .
ومع مرور الايام وتعنت الصهاينه بأبقاء البوابات الالكترونيه ولاصرار الفلسطينيين على رفضها وبعد ان اخذ هذا الامر يثير اهتمام الدول الكبرى والتي اخذت تندد به وتطالب بأعاده الامور الى ما كانت عليه سابقاً حدثت حادثه السفاره الصهيونيه في الاردن .
وبدايه لابد من ادانه تغييب المعلومه عن المواطن الاردني لمعرفه الحقيقه . وفي حين انه كان يتردد ان الشاب الاردني توفي بعد اطلاق النار عليه من قبل ظابط أمن السفاره الصهيونيه واللذي يرقد في حاله حرجه في المستشفى مما كان يعزز الروايه الصهيونيه بتعرضه للأعتداء من قبل الشاب الاردني وقيامه بأطلاق النار عليه وقتله دفاعاً عن النفس ، لنكتشف فيما بعد ان الموجود في حاله حرجه في المستشفى هو مواطن اردني هو الدكتور بشار الحمارنه صاحب الشقه التي يقيم فيها ظابط الامن الصهيوني واللذي كان لا يزال بالسفاره يتمتع بكامل صحته وعافينته ودون اي اصابه .
وليتبين فيما بعد انه حصل خلاف ما بين الشاب الاردني محمد الجواوده البالغ من العم سبعه عشر عاماً والذي هو ابن صاحب المحل الذي باع لظابط الامن الصهيوني غرفه نوم وانه كان قد حضر مع شخص آخر لتركيبها وانه حصلت مشاحنه بينه وبين ظابط الامن لأعتراض الاخير على بعض الأجراءات مثل تأخر التسليم والتركيب او عيوب في المصنعيه .
وربما تطور الخلاف ما بين ظابط الامن الصهيوني وهذا الشاب الاعزل الا من جهاز تثبيت البراغي الى حصول مشاحنات بينهما قام ضابط الامن الصهيوني على أثرها وبدم بارد بسحب سلاحه وقيامه بقتل هذا الشاب والدكتور بشار الحمارنه واللذي لا ناقه له ولا جمل في الخلاف اللذي حصل بينهما . كما تبين ان السفاره كانت تعمل على اخلاء ظابط الامن القاتل بحجه عم جواز توقيفه او التحقيق معه بموجب الحصانه الدبلوماسيه التي يتمتع بها حرس امن السفارات والدبلوماسين الاجانب في مكان عملهم او مكان اقامتهم بموجب اتفاقيه ڤينا عام ١٩٦١ .
ولكن تدخل وزير الداخليه اجل هذا الأجراء الى ان حصل اتصال ما بين جلاله الملك عبدالله الثاني والرئيس الصهيوني بن يامين نتنياهو اسفرت عن الموافقه على أخلاء جميع العاملين بالسفاره الصهيونيه بما فيهم القاتل والذي استقبل استقبال الابطال من قبل نتنياهو لتضج وسائل الاتصال الالكتروني بأعلانها رفضها لهذا القرار ودون انتظار معرفه ظروفه واسبابه ودون الاعلان عنها من قبل اي جهه اردنيه سوى ما اخذت تتداوله الفضائيات عن اعمال حفريات وتحركات آليات ثقيله داخل منطقه الاقصى دون معرفه خلفيتها وما تقوم به . وكان هناك حديث عن ازاله البوابات الاكترونيه مع بقاء كميرات المراقبه وتركيب كميرات مراقبه جديده ومتطوره وذكيه .
الا ان ماظهر حتى ظهر اليوم انه تم ازاله البوابات الاكترونيه وكميرات المراقبه الصهيونيه كلها . وان هذا كان عملاً بشروط جلاله الملك بمغادره طاقم السفاره الصهيونيه بما فيهم القاتل للأردن . كما اعلن من الجانب الصهيوني عن تركيب جسور ليتم في المستقبل تركيب الكميرات الذكيه عليها والتي هي غير متوفره لديهم الإن وانها قد تحتاج الى عده اشهر لأحضارها وتركيبها وتشغيلها مما يعطي انطباع بأن تركيب الجسور هذه والاعلان عنها والغايه منها قد تكون لحفظ ماء وجه نتنياهو وانه ربما لن يتم تركيب هذه الكميرات مستقبلاً وانه يمكن العوده الى فكره تركيب كميرات تكون خاضعه لاشراف ومراقبه وزاره الاوقاف الاردنيه .
ومن هذا نجد ان صاحب القرار في الاردن قد وازن بين الحلول وانه فضل انقاذ الاقصى وحرمه الاقصى على غيرها من الاعتبارات . ولكن مع الشعور بألالم والغبن والاستهتار الذي تعرض له مواطنان اردنيان تم قتلهما بدم بارد من قبل ظابط صهيوني على نفس الطريقه التي يتم بها قتل ابناء الشعب الفلسطيني وبنفس الطريقه التي قتل بها القاضي الاردني رائد زعيتر وغيره نأمل ان تكون الاتفاقيه السريه التي تم عقدها ما بين الطرفين قد تضمنت شروطاً قد تشفي غليل ذوي شهيدينا اللذين قتلا في حرم السفاره وتعوض على ذويهما جزأءً بسيطاً من الم فقدانهما بالرغم من ان هذا الالم سيبقى يدمي قلوبنا جمبعاً للأبد .
كما نطرح سؤالاً هل مغادره العاملين بالسفاره الصهيونيه في عمان هو مغادره دائمه تم مؤقته ليعودوا ويمارسون عنجهيتهم واجرامهم علينا ؟