الشعب الاردني يبحث عن آلية للانفجار
علي السنيد
22-07-2017 07:29 PM
اليوم تتحرك الازمة بتسارع في الشارع الاردني، وهي تبحث عن الية لحضورها المكثف في الساحة الوطنية، وكي تلون المشهد السياسي وان من يقرأ مؤشرات الشارع الاردني بتجرد يدرك حجم الخطر الذي بات يحيق بالمملكة نتيجة اوضاعها الداخلية الحرجة نظرا لسوء السياسات المتبعة، وعجز مؤسسة الحكم عن احداث التنمية.
واحتمالية انفجار الشارع قائمة في اية لحظة ومرد ذلك الى فشل مشروع الاصلاح السياسي الذي طرح بعد مرحلة الربيع العربي والذي كان مقدرا له ان يخرج الاردنيين من دائرة التهميش وعدم المشاركة السياسية واغتراب الاردني عن مؤسساته الوطنية وكان من ابرز محطاته الكارثية قانون الانتخاب الاخير الذي للاسف عمق من حالة الشعور بالعزلة والظلم في الاردن، وقد افرز مجلسا نيابيا يعتبر الاسوء في ادائه من المجالس النيابية التي افرزها قانون الصوت الواحد، وهو الذي احكم حالة الانغلاق السياسي في الاردن وافقد الاردنيين اية بارقة امل في التغيير. وقد زاد من حجم الاغتراب وانعدام التمثيل في الشارع الاردني ويضاف الى ذلك ان التدخل الامني السافر في الانتخابات افقد الاردنيين التمثيل، ومع تعدد هذه الانتخابات من نيابية الى لامركزية الى بلدية والتي كان يمكن لها ان تكون مدرسة سياسية تخرج جيلا ديموقراطيا الا ان ما يحدث عمليا هو ان الاردن "ينتحب" مع كل انتخابات جديدة لا ينتخب . وبت تشعر ان الروح الوطنية في الاردن باتت محشورة في اضيق الزوايا، وهبطت الروح المعنوية العامة في البلاد.
ومن اكبر دوافع الانفجار انحسار امال واحلام التنمية، وتلاشي امكانية الانفراج في الوضع المعيشي، واخراج الاقتصاد الاردني من اخفاقاته المتواصلة، وما هو مستمر عمليا هو الابقاء على سياسة الجباية وفرض الضرائب والرسوم، ورفع الاسعار التي تتبعها الحكومات الاردنية المتتالية ، وقد طال الغلاء كافة مناحي الحياة في ظل تدني الدخول لغالبية الاردنيين، وادت الى التفاقم في نسب الفقر والبطالة ودخول الشباب الاردني في مرحلة فقدان الامل. يرافق ذلك الزيادة المضطردة في المديونية الخارجية، وبقاء عجز الموازنات ، وفقدان الاردن لمصادر المساعدات الخارجية مع تناقص دوره العربي والاقليمي. وواضح ان الدولة تعجز عن مواجهة الازمة الاقتصادية الخانقة على المدى البعيد والحكومات تأتي خالية الوفاض من اية رؤية تنموية، مع ان التنمية هي اساس عملية الحكم وليست الجباية.
والحكومات اصبحت هشة وليست لديها القدرة على الوقوف على المشاكل اليومية التي تعترض طريق الاردنيين لتذليلها وبذا بقيت المعاناة متواصلة في قلوب العامة، وتتزايد حدة الشكوى والاحتجاج.
وما يزال المسؤول الاردني معزولا عن قاعدته الوطنية ولا يمثل ثقلا في الشارع ولا قدرة له على احتواء الازمات كونه منبت الصلة مع الناس، وما تزال المؤسسات تعاني في مجال الثقة وقد دمر الفساد سمعة المسؤول الاردني تاريخيا، واصبح الكل متهم نظرا للنوعية التي يتم اختيارها وتتكون منها الحكومات عادة، وخاصة في المراحل المتـأخرة من عمر الدولة، وهي تعاني في مجال الشعبية. ولذا لن تكون دائرة الحكم قادرة على التعامل مع الازمات وبذلك يتم الاستعانة بالمعالجات الامنية والتي هي اسرع اسباب هيجان الناس.
ويتبدى غياب المسؤول الحكومي في الازمات، ويظهر عدم وجود اساس شرعي له ، ولذا ظل خطاب الدولة ضعيفا وخسر الخط الرسمي قدرته على قيادة احداث الداخل واصبحت الفوضى تطل برأسها مع اية حادثة تقع في الاردن ، وبات الانفلات قاب قوسين او ادنى ومتوقعا حدوثه في اية لحظة.
وانحسرت المشاعر الوطنية لعدم قدرة مؤسسة الحكم على التعبير الاصدق عن القضايا الوطنية، واحداث حالة التفاف حول المؤسسات الوطنية وهذا مرده لضعف وتردد السياسة الاردنية في السنوات الاخيرة فضعفت حالة الارتباط بين الدولة ومواطنيها، وذلك لكون المشاعر الوطنية وليدة المواقف الوطنية التي تعتبر عن حالة الكبرياء الوطني.
وبقيت الطبقة السياسة ترى الاحداث بعين غير شعبية وزادت حالة العزلة بين طبقة الحكم التي ظلت تؤمن مصالحها في حين بقي الشعب الاردني يأن من قسوة ظروف الحياة وبلوغ الغلاء مستويات قياسية، وعلى ذلك فقد الاردنيون القدرة على العيش الكريم فوق ترابهم الوطني مع ان مطالبهم في الحياة بسيطة.
ولأن الخطاب الرسمي يعجز عن ان يقنع الاردنيين بجدوى استمرارية الاوضاع الراهنة فأنا اعتقد ان الباطن السياسي في الاردن بلغ درجة الغليان وان هنالك بحث عن الية للانفجار. وعلى الدولة ان تتوقع الاسوء مع زيادة حدة الخطر، او ان تستبق الانفجار الشعبي باجراءات تصحيحية سياسية واقتصادية تعيد الامل للأردنيين وتستعيد ايمانهم بدولتهم.