تبدأ وزارة التربية والتعليم يوم غد السبت بتنفيذ البرنامج الصيفي «بصمة» خلال العطلة الصيفية الحالية، حيث من المتوقع ان يشارك فيه نحو 25200 طالب وطالبة من الصفين التاسع والعاشر الأساسي من مختلف مناطق المملكة.
وتأتي الفكرة من البرنامج لتعزيز الهوية الوطنية والانتماء والولاء لدى الطلبة من خلال تنفيذ مجموعة الفعاليات والانشطة اللامنهجية لاستثمار طاقاتهم وأوقاتهم واظهار ابداعاتهم ، وبذلك فان السياسات التربوية التي بدأت وزارة التربية والتعليم انتهاجها والمتعلقة بأبنائنا الطلبة هي سياسات صائبة كنا على الدوام بحاجتها حتى لا نخسر المستقبل ، حيث بدأ القائمون على العملية التربوية يعون حجم التحديات التي تواجه ابناءنا في هذه الألفية ، فهم من يشكلون الفئات الواسعة من أطياف مجتمعاتنا الفتية من حيث العدد والزخم ، فيما يشعر الكثيرون منهم وعلى مسمعي كقائد تربوي ميداني وعلى تماس مباشر مع قضاياهم أنهم الفئة الأكثر إحباطا وتهميشاً ، لما يواجهونه من تحديات جسيمة تتعلق ببرامج تعلمهم ، فهم يفتقدون إلى الاستراتيجيات القادرة على تلبية رغباتهم وتقصي حاجاتهم بشكل يعزز ثقتهم بأنفسهم ، والتي تدفعهم باتجاه النجاح والإبداع ، فهم في أمس الحاجة إلى من يلتفت إليهم ويهتم بأفكارهم وتحقيق تطلعاتهم ووقف هدر طاقاتهم وتمكينهم من امتلاك الأدوات الفاعلة للتواصل تمكنهم على ضوئها من الإفصاح عن هويتهم وتعزيز ثقافة الحوار لديهم وتقبلهم للرأي والرأي الآخر كي يتمكنوا من أداء دورهم الطليعي ، بعيدا من التهميش والإقصاء والحرمان وإشباع الحاجات .
إن تداعيات التحديات التي تعصف بطلبتنا من كافة الفئات العمرية كان له التأثير القوي على فكرهم تحديداُ ، وأصبحت في الفترة الاخيرة صورة التمرد هي الصورة التي يرونها ، ذلك بتشبعهم بثقافة جديدة بفعل غزو ثقافي وفكري استهدفهم بصور قوية مستغلا أبوّة مجتمعنا واحتكاره لمراكز القيادة المجتمعية وتهميشه لدور الفتية باستغلال أسلحتهم العصرية وشغفهم بها عبر وسائل الاتصال الالكترونية الحديثة والفعالة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي عبر الشبكة العنكبوتية والقنوات الفضائية وغيرها وتحويلها لوسائل تثقيف وتوعية لتحاكي الشباب وتشبع رغباتهم الثائرة ونيرانهم الخامدة ومستغلة عدم وجود البرامج التي تحاكيهم بلغتهم .
ان مبادرة " بصمة " هي احدى المبادرات الفاعلة والزاخرة ببرامجها لاحتوائها على أدوات فاعلة وأفكار استراتيجية وبرامج نهضوية موجهه لفئات الطلبة من الصفين التاسع والعاشر بصورة خاصة ، فكم نحن بحاجة لبرامج تتضمن ثقافة موجهه تضرب بعمق ضمير هذه الفئة العمرية اليانعة ، تخاطبهم بلغتهم وتفكيرهم وترشدهم للابتعاد عن الاستهلاك والمدنية الزاهية ليتمكنوا من مجابهة شعاعها الأخاذ ، بل وتوجههم نحو الايجابية والابتعاد عن الطرق المضللة بحيث لن يكونوا فريسة سهلة للأفكار الخبيثة واللئيمة التي تعبث بعقولهم وتوجههم نحو العنف أو نحو تبني رؤى ومعتقدات هدامة غريبة عن عاداتنا وقيمنا، والمساعدة في التصدي لأي شكل من أشكال البؤس والحقد .. وتوعيتهم بالمشهد الاجتماعي والثقافي والعلمي والفكري ، فقد بات من واجبنا الان وقبل اي وقت مضى كمؤسسات تربوية ان نزرع في نفوس ابائنا الطلبة الفهم الصريح لمنطق الحياة المعاصرة كخيار حتمي وترسيخ مفاهيم الوسطية والاعتدال ، وبالضرورة إلى التأكيد على تبني منظومة القيم التي يحل فيها الإيثار بدل الاستئثار ، وروح التسامح بدل العصبية ، والحوار والتفاهم والقبول بالآخر بدل الاختلاف والتزمت والإقصاء ، وضرورة الوقوف على القضايا التي تمس طلبتنا بعيداً عن الشعارات والهتافات ، فمن المؤكد أن طلبتنا أكثر وعيا وإدراكا لواقعهم وتقديراً لمستقبلهم ، وهذا ما ينبئ بمستقبل زاهر للأجيال القادمة للنهوض والرفعة ، بعيدا عن الصمت والخوف والانكسار .
وأخيراُ فان الدعوات المتكررة لجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين في هذا السياق ما زالت جلية واضحة وجادة بالعمل على أهمية تأهيل طلبتنا ليكونوا قادرين على تحقيق النقلة النوعية ضمن برامج وخطط مدروسة تساهم في اكتشاف طاقاتهم وإبداعاتهم وقدراتهم لإعداد جيل مدرب وواعي قادر على حمل المسؤولية تجاه انفسهم واهلهم ووطنهم ، وخلق شبكة تعاون بين الجميع للمساهمة في تطوير مشاريع مستقبلية تخصهم بدفع كافة الهيئات والمؤسسات والتعاون فيما بينها للارتقاء ببرامج هادفه تعمق منظومة القيم الاصيلة
شكرا وزارة التربية والتعليم .. وشكرا معالي د. عمر الرزاز وزير التربية والتعليم وشكرا لكل الهيئات والمؤسسات الداعمة على هذه البصمة التي ستخلد في ذاكرة ابنائنا الطلبة لتلامس بصمتهم لتأخذ مكانها في نفوسهم لتبعث على الأمل والتفاؤل في خضم منظومة جديدة، وهذا لن يجلب النتيجة المرجوة إلا بتكريس وتعميق مفاهيم "بصمة" الحقيقية والتي سرعان ما ستأتي اكلها في المستقبل القريب ..
والله ولي التوفيق