حزين يا أيها الأقصى تسترجع خطى عمر بن الخطاب الفاتح على ابوابك. ويده تحمل مفاتيح الحق، والخير، والمجد وقد وضع حجر الأساس لأمة عظيمة في التاريخ.
وتظل تحمل ذكرى محرابك، وصلاح الدين يقف خاشعا منذ قرون على اعتابك، ويردد في سمع الزمان امجادك.
والقبة التي استظل بها التاريخ... والخلفاء... والعلماء... تهدي المؤمنين سر الطريق الى الله.
حزينة هي القبلة الأولى .. و مسرى الرسول حزين.. ومجمع الأنبياء يأن، وثكلى هي الأيام.
ونداء الايمان الخالد، وبوابة السماء لا تقوى على رفع الاذان فيها، والمسلمون لا يملكون حق الصلاة في ثاني اقدس مقدساتهم . وحكوماتهم، واعلامهم يتسابقون في الذل.
والعرب اليوم حسبهم انهم مشغولون في قتل العرب، فهم لا حول لهم ولا بأس لهم سوى على إخوانهم في العروبة، والجيوش والطائرات والحروب التي تأكل الأخضر واليابس لا يمارسها العرب سوى في حق أبناء جلدتهم. وعندما تنطلق مطالبات بتحريرك يا مسرى الرسول والقبلة الأولى يتحججون بمآسي الحروب، وانهم سلميون بالطبيعة، وسيقاتلون من اجل السلام. وهم محض حماة لهذا الاستعمار يقومون بتحصين الحدود من اية مقاومة او انطلاق لعجلة الجهاد. فعذرا يا اقصى على الغياب. عذرا يا اقصى فقد رضينا بالذل، والقعود، وعجزنا عن دورنا.
فاين انت يا شام العروبة، ولماذا بعد العراق... وكيف تغيب الكنانة، وما بال العرب ينسون صورتهم التاريخية وانهم امة اشتقت من حد الكبرياء، واقتبست من عبق الكرامة، واستوحت من صليل السيوف، ومن مجالات العز، وتدافع الامم ، والروح العربية السامقة اهدت الى الأمم والشعوب اجمل تجلياتها التاريخية، وتركت في الزمان قرونا من المجد والفخار.
فكيف اصبح الفاتح يا هذا الزمان ذلك الذي يستطيع ان يتوسل لدى الصهاينة اكثر لكي يأخذ موافقتهم على فتح الأبواب الموصدة لمسرى الرسول محمد عليه الصلاة والسلام ولمعراجه، وقبلة الروح العربية، وبذا يتحقق نصر هذه الأيام لدى العرب.
غريبة هي الدنيا ونائية اذا لم يكن لنا فيها مقعد عز، وقد قدنا جحافل الفتح الإسلامي في أصقاع الدنيا الواسعة، وثرنا باسم الله، وحملنا مشاعل النور للعالمين، وقدنا حضارة البشرية. واليوم نتجرع مرارات الذل ويهيننا في عقيدتنا ويتجرأ على دمنا ومقدساتنا من يحملون بوصف القرآن لهم سمة الذل أينما ثقفوا ومن يجبنون ولا يقاتلون الناس الا من وراء جدر.
فبائسة هي الأيام وحزينة على امة كانت حاضرة التاريخ، وامة أحبها التاريخ فهوى بها زعماؤها الذين لم يعرفوا قدرها الى قاع الذل والهوان.